|


سعد المهدي
فيما يسمى النقد
2009-10-07
"ما ننقذ نفسينا في الأول" رد بها مسؤول الأمن في فيلم الإرهاب والكباب الذي لعب دوره الممثل القدير كمال الشناوي على طلب أحد معاونيه بمهاجمة المجمع الذي يحتجز فيه إرهابيون مفترضون عدداً من الضحايا، في الوقت الذي يرى فيه الشناوي أن موقعهم المتأزم بفعل الضغط الرسمي والشعبي جراء هذه الأزمة يشكل ورطة لهم يحتاج لمن ينقذهم منها.
"ما ننقذ نفسينا في الأول" يحتاج إلى أن يعمل بها كثيرون في الوسط الرياضي من مسؤولين وعاملين وإعلاميين وغيرهم، وهي ليست دعوة للتخلي عن مسؤوليات أداء الواجب تجاه ما أنيط بهم من مهام تجاه الغير، ولكن لأننا جميعنا ننشغل بأعمال غيرنا أكثر من اهتمامنا بالواجبات الموكلة إلينا.
هل من المقبول أن أصغي ناهيك عن أتجاوب أو احترم آراء تساق على أنها صائبة ومسؤولة ممن لا يؤدون حتى مهنة النقد ذاتها بأصولها واشتراطاتها ولا يحسنون طرحها ولا يملكون فهمها ممن لا يستطيعون الفصل بين حدود النقد وما يتجاوزه إلى غيره ممن يلزمون الغير بتفسيراتهم وحدود فهمهم ومعرفتهم للقضايا على أنه رأي يجب الأخذ به وقبوله دون أن يتركوا لك حرية هذا الأمر.
إن الرأي الآخر الذي علينا جميعاً أن نقبله ونحترمه لا يمكن أن ينفصل عن مكوناته ومنطقه، وليس هناك أسوأ من الناقد الذي يضيع وقته في الدفاع عن وجهة نظره، ولا أضعف من الناقد الذي يملأ الدنيا ضجيجاً ليقول للآخرين إنه تمت محاربته، ولا أتفه من الناقد الذي يحاول أن يخيفك بافتعال المشاكل من حولك من خلال تبني الغوغاء واجترار القضايا النائمة، ولا أغرب من الناقد الذي يعتقد أن لا أحد عليه أن ينتقده ويخطئه أو يسأله أو يحاكمه.
في الوسط بين الناقد والمنقود مستهدفون يصنفون إلى أكثر من فئة، الناقد المتسلح بأدوات النقد ومنهجه المستند على تاريخ لا توجد بين صفحاته ما يقلل من شأنه كناقد مستقل يراهن على العقلاء من المتلقين ممن يعنيهم الأمر ويؤثرون فيه، أما الناقد عكس الأول فإنه لا يهمه في الأمر سوى أن يستثمر المساحة للترويج إلى ما يرجح كفته هو كشخص عند فئة المتعصبين تتحقق معه مصالح خاصة مادية كانت أو اعتبارية، أما ثالثهم فهو المهووس الذي يستهدف فئة الرعاع بتأدية دور المناضل يتمثل حالة الشريف بين جمع من اللصوص وجيفارا بين ثلة من الخانعين المدجنين، ولا أرى أن الأمر برمته محتاج إلى كل ذلك. قل ما تريد لتحقق مساعيك وأهدافك واترك للآخرين فرصة إظهار خطئك أو حتى كذبك وضعفك إن أرادوا.. ألا تؤمن بحرية غيرك وحقه في ممارسة التعبير بالطريقة التي يشاء.