|


د. حافظ المدلج
احتقان الجماهير
2009-03-07
كتبت قبل سنوات عن "الاحتقان" الذي يسببه التعصب الرياضي، وغياب ثقافة الفوز والخسارة.  فكثير من المنتمين للوسط الرياضي يفتقدون الكثير من أخلاقيات الرياضة، ولذلك تتكرر الكوارث في كرة القدم السعودية والعالم ـ كل العالم ـ يتفرج علينا ويحكم على مجتمعنا من خلال سلوكيات المجتمع الرياضي.
الأمر جد خطير، ولا يحتمل المزيد من الانتظار والتنظير، وفي حال أصبحت مباراة الهلال والاتحاد في نهائي الدوري محددة لهوية البطل فإن كارثة حقيقية ستحدث في الملعب ـ لا سمح الله ـ هكذا تشير الأمور والأحداث التي تشوه وجه الوطن الذي نحسبه جميلاً.
ما الذي حل بالعقل الرياضي لتتحول المدرجات ـ بما فيها المنصات ـ إلى حلبات مصارعة يتعرض فيها الناس للضرب والصفع والركل؟  متى نؤكد للعالم أننا مجتمع راق يتعاطى كرة القدم بوعي؟  متى يكون غالبية الرياضيين على مستوى من الوعي بحيث يستطيع "الغالبية" تحجيم دور "الأقلية" المتعصبة التي ستعصف برياضتنا إلى غياهب الفوضى والشغب؟
من يريد أن يعرف خطورة الموقف عليه أن يدخل المنتديات الرياضية ليشاهد ما تشيب منه الرؤوس، لقد قرأت في أحد منتديات الجماهير من يشبه جماهير النادي المنافس باليهود، ويدعو الله بأن لا يبقي على الأرض منهم ديارا، وقرأت من يلعن ويسب ويستهزئ بجماهير وإدارة ونجوم المنافس دون وجه حق سوى المنافسة التي أصبحت ـ في بعض الأحيان - غير شريفة.
وربما لا نحتاج إلى زيارة المنتديات، فبعض الصحف وعدد من الإعلاميين يذكون نار التعصب بشكل يفوق ما تلطخ به المنتديات، ولم أعد أذكر عدد المرات التي ذهلت فيها من إجازة مقال تعصبي لا يخدم الرياضة ولا يقرب بين الرياضيين، وبدأت أفقد الأمل في الإعلام المرئي حيث أصبح يفتح المجال على مصراعيه للمتعصبين مثيري الفتنة بمباركة من مذيع يشجع على المزيد من الإثارة لأنها سلعته الوحيدة.
سيستمر الوضع المزري للتشنج ليصل لدرجة الاحتقان، حينها ستحل كارثة ما في مباراة ما، وسنعض جميعاً أصابع الندم لأننا لم نحرك ساكناً لاحتواء الأزمة قبل أن تنفجر، ففي السنين الخوالي كانت الجماهير الإنجليزية الأكثر تشنجاً وشغباً، حتى أصبح مصطلح "هوليجنز" مرتبطاً بالإنجليز أكثر من غيرهم، وقام الاتحاد الأوروبي بمنع الأندية الإنجليزية من المشاركة في البطولات الأوروبية لخمس سنوات بسبب حادثة "هيزل" في بلجيكا عام 1985م في نهائي كأس الاتحاد الأوروبي بين "ليفربول" وفريقي الإيطالي المفضل "جوفنتوس" راح ضحيتها 39 مشجعاً، ولم تتحرك السلطات الإنجليزية حتى حدثت كارثة "هيلزبره" في مدينة "شيفلد" عام 1989م في مباراة نصف نهائي كأس إنجلترا بين "ليفربول" و"نوتنجهام فورست" التي راح ضحيتها 96 مشجعاً.
فهل ننتظر حتى تحل بنا كارثة مماثلة لما ذكرت ـ لا سمح الله، أم نتحرك من الآن لوضع الحلول الاستباقية قبل أن يتحول الأمر إلى أزمة تصعب السيطرة عليها، سأكتب رأيي في المقال المقبل، ولكني أنتظر آراء الجماهير الواعية ـ غير المتعصبة - في منتدى كتاب الرياضية، فالأمر يعنينا جميعاً، وعلى دروب الوعي والرقي نلتقي.