|


د. حافظ المدلج
الخطوط (غير) السعودية
2009-04-04
قبل سنوات كنت في مطار جدة الدولي (أسوأ مطار دولي في كل رحلاتي)، ولمحت مدير المنتخب "فهد المصيبيح" وفي معيته مدرب المنتخب السعودي الأول، ولأن صالة الركاب العادية لا تليق لاستخدام العمالة الوافدة فكيف بمدرب عالمي بعقد كبير، فاتجه "المصيبيح" مع المدرب نحو صالة الدرجة الأولى رغم تواضع مستواها مقارنة بمطارات العالم الثالث – دون محاولة المقارنة الظالمة مع المطارات الدولية المشهورة. – وهناك طلب الموظف بطاقة الصعود للطائرة، فأوضح المصيبيح أنهم بالكاد وجدوا لمدرب المنتخب مقعداً على الدرجة السياحية لأن الخطوط لم تتساعد معهم، وأن هذا ضيف عزيز على الوطن فنريد أن نعوض المقعد بالانتظار في الصالة، وأبرز "المصيبيح" بطاقة "الفرسان" التي جمع أميالها من الترحال مع المنتخب على الخطوط التي لا تعامل المنتخب معاملة خاصة، فاعتذر الموظف بأن البطاقة تمكن حاملها من الدخول فقط، ولم يبق سوى الحل الأخير وهو دفع ثمانين ريالا لدخول المدرب، فتم الدفع.
أحسست حينها بالغبن، لمعرفتي بالطريقة التي تتعامل فيها الخطوط الوطنية مع منتخبات الوطن عند غيرنا من الدول القريبة والبعيدة، وتذكرت كم مرة بيعت حقوق رعاية المنتخب، وتمنيت أن أرى شعار الخطوط السعودية كناقل رسمي، وفي كل مرة كنت أصاب بخيبة أمل تزداد مع الأيام.
وبعد الفوز الهام على منتخب الإمارات الشقيق الذي جاء بطائرة خاصة من الخطوط الإماراتية، توجهت لمطار الملك خالد الدولي في الرياض مغادراً إلى جدة، وكان على متن الطائرة عدد من نجوم المنتخب الذين شرفوا الوطن، وتأخرت الطيارة – كالعادة حيث الشعار الذي أطلقته على الخطوط السعودية قبل سنوات " Never On Time" – وفوجئت بالنجم الخلوق "أسامة هوساوي" على باب الطائرة يحمل في يده تذكرته (درجة أولى) وبجوار "ناصر الشمراني" مقعد خالي والجميع يستجدي الطاقم بأن يركب النجم الذي بذل الجهد من أجل الوطن، وحاولت التدخل مع الزميل "محمد النويصر" وتحدثنا مع مشرف الطائرة ومسئول البوابة وكل من يلبس اللبس الرسمي في ذلك الموقع، فتعامل الجميع بسلبية غير مبررة، وأقلعت الطائرة – متأخرة لأسباب أخرى – وفيها مقاعد خالية، وعلى "الهوساوي" أن ينتظر حتى الفجر أو ربما اليوم التالي ليتمكن من رؤية أهله والعودة سريعاً ليلعب مباراة اليوم مع ناديه.
إنه "الحس الوظيفي" الغائب، في كثير من القطاعات الحكومية، فموظف الخطوط السعودية لم يدرب على التعامل مع تلك الظروف حيث لا ترتبط تلك الشركة العملاقة مع هموم المجتمع ولا ترعى مناسباته. ويبقى الأمل في التصرفات الفردية الإيجابية التي نشاهدها من بعض موظفي المطارات خصوصاً في الجوازات والجمارك، حيث تخفف حفاوتهم وبشاشتهم من ألم تعامل الناقل (غير الرسمي) لمنتخبات الوطن وأنديته، حتى أصبحت أسميها "الخطوط الجوية العربية (غير) السعودية".. وعلى دروب الولاء للسعودية نلتقي.