|


د. حافظ المدلج
مدرسة أنيلكا
2009-04-18
كنت أتابع المباراة العجيبة في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا بين "تشلسي وليفربول"، ورغم الأهداف الثمانية الرائعة إلا أن أروع ما في المباراة معلومة قالها المعلق على عجل، حين ذكر بأن المهاجم الدولي المسلم "أنيلكا" أنفق من حر ماله وافتتح مدرسة لتحفيظ القرآن في فرنسا.
توقفت مذهولاً عند تلك المعلومة المفرحة المحزنة في نفس الوقت، فقد أفرحني كثيراً تفاعل نجم عالمي مع مجتمعه المسلم، وتحديداً في فرنسا التي تمنع الحجاب في الجامعات وتحارب كل ما هو إسلامي، وفرحت أكثر لأن المعلومة قد انتشرت فعرف العالم بحقيقة إسلام النجم الكبير، على عكس بعض النجوم الذين يخفون إسلامهم خوفاً على شعبيتهم وعقودهم الإعلانية.
أما المحزن في الأمر فحال نجومنا الذين يكتفون في أقصى حالات الكرم بمنح بعض الوقت للجمعيات الخيرية، من خلال الزيارات وتوزيع الهدايا المدفوعة من الغير، مع اشتراط وجود الوسائل الإعلامية لتوزيع الخبر ونشر الصور. فمتى نسمع عن نجم سعودي يفتتح مدرسة لتحفيظ القرآن أو يرعى عدداً من الأيتام. ونجومنا يعرفون أن الدنيا دار ممر والآخرة دار مستقر، ولكن قليلا منهم يعمل وفق هذا المبدأ.
كما يحزنني أننا كشعب ننفق المليارات في السياحة الخارجية في بلاد لا تحترم المسلمين مثل "فرنسا"، التي تمنع الحجاب في الجامعات وتدعي أنها بلد الحرية، ولازلت أذكر حين قام مصمم الأزياء "شانيل" بتصميم ملابس داخلية مستوحاة من ستار الكعبة، وحين غضب بعض المسلمين دافعت فرنسا عن المصمم الفرنسي بداعي "الحرية". فليتنا نتخذ موقفاً موحداً ضد من يخطئ بحق ديننا مثل الموقف الرائع الذي اتخذناه ضد الدنمارك على تداعيات الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم.
أعود لنجوم الرياضة والإنفاق على المشروعات الخيرية، وأوجه النداء لكل نجم سعودي بأن يخصص نسبة بسيطة من دخله المتزايد (من عقود الأندية والإعلانات والمكافآت) لينفقها في وجوه الخير المتعددة، فكفالة الطفل الذي لم يبلغ السادسة من العمر والذي يقضي والده عقوبة سجن طويلة لا تتجاوز 450 ريال شهرياً، ونفقة تحفيظ قرآن للطفل الواحد مائة ريال شهرياً، وفي جمعية "إنسان" تبلغ كفالة اليتيم 3000 ريال سنوياً، وجميعها مبالغ بسيطة ومع ذلك تشتكي الجمعيات من بخلنا.
من المخجل والمحزن أن يبخل أثرياء المسلمين بالإنفاق في وجوه الخير، ويبالغون في البذخ على الملذات والمفاخرة والمناسبات الخاصة، في حين يبادر أثرياء الغرب بتخصيص جزء كبير من ثرواتهم لأعمال الخير، ولا أنسى من المحزنات أن بعض القراء سيغضب من عدم كتابتي عن مباراة الأمس إذا كانت نتيجتها لصالح فريقه، فأعتذر منه لأنني أكتب المقال يوم الخميس وفي شأن أهم بكثير من نتيجة مباراة في كرة القدم.. وعلى دروب الخير نلتقي.