أعشق بيروت وأزورها في المواسم وغير المواسم بداعي السياحة غالباً ولدواعي العمل أحياناً، وأستمتع بتسجيل المشاهدات التي تثير علامات التعجب والاستفهام. ومن بيروت أكتب لكم بعض المشاهدات التي تهم شباب الوطن وصناع القرار فيه، فأنا أحمل معي وطني أينما أرتحلت وحيثما حللت.
في غير الإجازات السعودية تمتلئ بيروت بالسياح والمغتربين ولكنك تجد مكاناً في كل مطعم ومقهى دون عناء أو إكراميات، وحين يأتي السائح السعودي تنقلب البلد رأساً على عقب، فيظهر مصطلح "الحد الأدنى لفاتورة الشخص الواحد"(30 – 100) دولار يضاف لها عمولة مقدمة لأحد العاملين، وتبدأ شريحة من السياح بالانتقال من مكان إلى مكان وفق جدول يومي لا يتغير وكأنهم سافروا ليشاهدوا بعضهم البعض، فليس هناك مبرر آخر لزيارة نفس الأماكن والجلوس في نفس المقاعد وتناول نفس الأطباق كل يوم إلا لنتفرج على بعضنا البعض، وننفق أكثر من ستة مليارات ريال كل عام على السياحة الخارجية، يذهب جزء كبير منها إلى لبنان الحبيب، ولكن وطني الأحب والأقرب أحق ببعض هذه المليارات.
في بيروت تذهب إلى السولدير فتجلس ساعة في مكان مزدحم وغير مريح وملوث بدخان المعسل وتدفع مئات الدولارات مع الواسطة والحجوزات المبكرة، وفي أماكن أخرى في نفس المدينة تعامل برقي وحضارة دون إحساس بالاستغفال، ولكن شبابنا – من الجنسين – يصرون على التجمع في أماكن الاستغفال، وكأننا نكافئ من يسرقنا. ويبقى الأمل في البعض كمقهى "الفلمنكي" الذي لازال يتعامل برقي وأمانة، حيث أقام الابن هذا المقهى لإحياء ذكرى والده فحوله إلى متحف لمقتنيات "الفلمنكي"، وأخشى أن يتغير أو يهجره شبابنا بحثاً عن البديل الاستغلالي، فنحن نحب من يستغلنا!
بقي أن أختم بمشهد رائع، حيث أقضي كل صباح في "كوستا كوفي" أراجع بريدي الإليكتروني وأكتب لكم هذا المقال، ويأتي كل يوم رجل تجاوز الثمانين بصحبة زوجته الستينية، فتسحب له الكرسي وتأخذ بيده وعكازه ليجلس ويدور بينهما حديث الذكريات، وذات يوم جاء الزوجان وبدون مقدمات اختفت الزوجة، فجن جنون الزوج الرومانسي فبدأ كالتائه يسأل عنها بلهفة وألم لا تتسع مساحة المقال لكتابتها باللهجة اللبنانية التي أحب، وفزع كل من في المقهى للبحث عنها في الجوار لإرضاء الملهوف الذي لم يسكت لحظة عن السؤال برومانسية عالية، من أمثلتها أن قال له أحدهم: "ربما قالت لك ولم تسمعها"، فرد باستغراب: "أنتم مجانين! كيف لا أسمعها وهي الصوت الوحيد الذي بقي لي في الدنيا"، وفجأة ظهرت الزوجة مثلما اختفت وفي يدها كيس صغير، فتحته لتخرج منه قطعة شوكولا وقالت: "سمعتك أمس تشتهي هذه الحلوى فاشتريتها لك"، عاتبها الزوج بلطف على الغياب المفاجئ وختم عتابه بتقبيل يدها، وجميع من في المقهى يتابع المسرحية الرومانسية، فنقلت لكم المشهد .. وعلى دروب الوفاء نلتقي.
في غير الإجازات السعودية تمتلئ بيروت بالسياح والمغتربين ولكنك تجد مكاناً في كل مطعم ومقهى دون عناء أو إكراميات، وحين يأتي السائح السعودي تنقلب البلد رأساً على عقب، فيظهر مصطلح "الحد الأدنى لفاتورة الشخص الواحد"(30 – 100) دولار يضاف لها عمولة مقدمة لأحد العاملين، وتبدأ شريحة من السياح بالانتقال من مكان إلى مكان وفق جدول يومي لا يتغير وكأنهم سافروا ليشاهدوا بعضهم البعض، فليس هناك مبرر آخر لزيارة نفس الأماكن والجلوس في نفس المقاعد وتناول نفس الأطباق كل يوم إلا لنتفرج على بعضنا البعض، وننفق أكثر من ستة مليارات ريال كل عام على السياحة الخارجية، يذهب جزء كبير منها إلى لبنان الحبيب، ولكن وطني الأحب والأقرب أحق ببعض هذه المليارات.
في بيروت تذهب إلى السولدير فتجلس ساعة في مكان مزدحم وغير مريح وملوث بدخان المعسل وتدفع مئات الدولارات مع الواسطة والحجوزات المبكرة، وفي أماكن أخرى في نفس المدينة تعامل برقي وحضارة دون إحساس بالاستغفال، ولكن شبابنا – من الجنسين – يصرون على التجمع في أماكن الاستغفال، وكأننا نكافئ من يسرقنا. ويبقى الأمل في البعض كمقهى "الفلمنكي" الذي لازال يتعامل برقي وأمانة، حيث أقام الابن هذا المقهى لإحياء ذكرى والده فحوله إلى متحف لمقتنيات "الفلمنكي"، وأخشى أن يتغير أو يهجره شبابنا بحثاً عن البديل الاستغلالي، فنحن نحب من يستغلنا!
بقي أن أختم بمشهد رائع، حيث أقضي كل صباح في "كوستا كوفي" أراجع بريدي الإليكتروني وأكتب لكم هذا المقال، ويأتي كل يوم رجل تجاوز الثمانين بصحبة زوجته الستينية، فتسحب له الكرسي وتأخذ بيده وعكازه ليجلس ويدور بينهما حديث الذكريات، وذات يوم جاء الزوجان وبدون مقدمات اختفت الزوجة، فجن جنون الزوج الرومانسي فبدأ كالتائه يسأل عنها بلهفة وألم لا تتسع مساحة المقال لكتابتها باللهجة اللبنانية التي أحب، وفزع كل من في المقهى للبحث عنها في الجوار لإرضاء الملهوف الذي لم يسكت لحظة عن السؤال برومانسية عالية، من أمثلتها أن قال له أحدهم: "ربما قالت لك ولم تسمعها"، فرد باستغراب: "أنتم مجانين! كيف لا أسمعها وهي الصوت الوحيد الذي بقي لي في الدنيا"، وفجأة ظهرت الزوجة مثلما اختفت وفي يدها كيس صغير، فتحته لتخرج منه قطعة شوكولا وقالت: "سمعتك أمس تشتهي هذه الحلوى فاشتريتها لك"، عاتبها الزوج بلطف على الغياب المفاجئ وختم عتابه بتقبيل يدها، وجميع من في المقهى يتابع المسرحية الرومانسية، فنقلت لكم المشهد .. وعلى دروب الوفاء نلتقي.