|


د. حافظ المدلج
الصقر والصقّار
2009-06-10
كان مساء الأحد مختلفاً في كل شيء، فالمناسبة كانت فريدة من نوعها، حيث إطلاق مشروع الصقر الأولمبي، أو بعبارة أخرى "صناعة نجم سعودي لأولمبياد 2012 لندن"، كما كان التميز واضحاً في الشركاء، حيث استقطاب عراب الفريق الأولمبي الأمريكي في بكين2008، والتعاقد مع أسماء مميزة في التخطيط والإدارة والتسويق. كانت الرؤية واضحة والهدف أوضح، فالصقــّار "نواف بن فيصل" والصقر هو نجم أو عدد من النجوم سيتم صقلهم خلال السنوات الثلاث المقبلة لتمكينهم من صيد "الحبارى" وهي الميدالية الذهبية الأولمبية الأولى في تاريخ الرياضة السعودية.
كان بالإمكان أن نسلك أقصر الطرق ونقوم بتجنيس الأبطال ليجلبوا للوطن ميداليات أولمبية، ولكن القيادة الرياضية لا تقبل إلا بالطرق الصحيحة لبلوغ المجد، فكان التخطيط لبناء قاعدة رياضية تنتج أبطالاً سعوديين، نفخر بهم حين يرفعوا علم "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، ويقيني أن هذا الوطن قادر على إنجاب الأبطال في شتى المجالات وفي مقدمتها المجال الرياضي.
كتبت كثيراً عن "التقدير المفقود"، وهو المستوى الرابع من "سلم ماسلو للحاجات" حيث تشكل الحاجة إلى التقدير محفزاً كبيراً للارتقاء في شتى شؤون الحياة، ونحن نعاني في السعودية من غياب هذا الحافز بالذات، ففي الوقت الذي أفرح فيه بأخبار النجاحات الأمنية في كشف مهربي المخدرات، يحزنني في الوقت نفسه غياب الحافز المادي للبواسل الذين يحمون الوطن وشبابه من ثاني أكبر خطر يهدد حياتهم ومستقبلهم بعد الإرهاب، ويقيني أن الاهتمام بالحوافز سيضاعف قدرات رجال الأمن في حربهم الضروس ضد مجرمي المخدرات.
والأمر ذاته ينطبق على كثير من العاملين في قطاعات الوطن المختلفة، حيث يشكل غياب الحافز أهم معاول هدم الهمة، فينتج عنه ضعف الولاء، وبالتالي محدودية الإنتاج ورداءة المنتج. فحين تشاهد رجل المرور يتفرج على المخالفين، أو يصدمك الموظف بتعطيل المراجعين، أو يخيب أملك بتقاعس المقصرين، فالجواب يتلخص في غياب الحافز الذي يؤدي إلى غياب الإبداع والولاء والجودة.
ولذا كان مشروع "الصقر الأولمبي" مميزاً، باهتمامه بالحوافز المادية لصقور الرياضة السعودية، فيكفي أن يعلم الشاب السعودي الطموح أن حصوله على الميدالية الأولمبية الذهبية يعني حصوله على مليون ريال تكفي لوضعه على الطريق الصحيح في بناء مستقبل تتضاعف فيه الملايين بإذن الله. فالحوافز المادية والمعنوية هي الوقود الذي يشحذ الهمم، وشبابنا في شتى المجالات بحاجة ماسة لهذا الوقود.
إنني من أشد المعجبين بمقولة الرئيس الأمريكي الراحل "كندي": "لا تسأل ماذا يمكن أن يقدم لك وطنك ولكن اسأل ماذا يمكن أن تقدم أنت لوطنك"، إلا أنني على يقين أن المواطن بحاجة إلى التقدير الذي يحفزه على المزيد من العطاء المتبادل، فالمواطن خادم للوطن والوطن راع للمواطن، والأمل كبير بأن يثمر مشروع "الصقر الأولمبي" عن الميدالية الذهبية الأولى.. وعلى منصات التتويج نلتقي...