|


د. حافظ المدلج
الرقيب والنعامة
2009-09-16
يصلني عبر البريد الإليكتروني مقالات حجبها "الرقيب" فتنتشر أكثر لأن الممنوع مرغوب، وفي كل مرة أقول: إن الرقيب في زمن الإنترنت أشبه بسياسة النعامة التي يقال أنها تدفن رأسها في التراب فتعتقد أنها تختفي عن الأنظار!!!!
فهذا مقال بقلم نسائي بعنوان "أبيض وأسود" يقارن بين حقوق الرجل البيضاء ومحرمات المرأة السوداء، واستغربت حجب مقال يحكي الواقع من وجهة نظر امرأة تبحث عن المساواة، في حين كنت على يقين أن من شبابنا من يستطيع كتابة مقال أقوى يبين فيه حرمانه من أبسط الحقوق المتاحة في دول الجوار، فهو محروم من دخول المجمعات التجارية والوسائل الترفيهية، وتكثر عليه وسائل الرقابة والحصار التي طالت حتى شعره الذي تفرغ رجال الأمن لقصه.
لست مع من كتبت المقال المحجوب ولست مؤيداً للشاب الذي سيرد عليها، ولكنني أؤيد بقوة فتح الأبواب والنوافذ للحوار الوطني الحر الذي يشرح هموم الشباب من الجنسين ليعرف صانع القرار حاجة المواطن.
ووصلتني مقالات تبين خطر "أنفلونزا الخنازير" وضعف الاحترازات الصحية في الوطن الذي نحب، وأن الرقيب يحجب القوي والجريء منها، واستغربت كيف يخلو إعلامنا من المعلومة الصحيحة فنبحث عنها عند غيرنا، ولذلك فإن السعوديين يشكلون النسبة الأعلى لزوار موقع www.flucount.org الذي يقدم الإحصاءات الدقيقة عن المرض الذي تسبب في إطلاق إشاعات بتأجيل الدراسة وإلغاء الحج، في ظل غياب المعلومة وسطوة الرقيب، حتى أن خبر تزايد زيارة الموقع نقل بأنه تزايد في الإصابة بالمرض.
ولازلت أستغرب السبات العميق الذي تغط فيه الجهات المعنية، ونحن مقبلون على عام دراسي جديد وموسم حج يصعب السيطرة فيه على المرض الذي حيّر عقول العلماء، فمتى نفيق من غفوتنا.
وحزنت أشد الحزن، حين قرأت مقالاً ممنوعاً عن سعوديات يعملن خادمات في دول الجوار، وشعرت بأن المأساة أكبر من أن يحجبها مقص الرقيب، فدخلت محرك البحث "قوقل" وكتبت "خادمات سعوديات" فوجدت أكثر 280 ألف موضوع يناقش القضية التي دفنها الرقيب كما تدفن النعامة رأسها، مع أن الموضوع هام ويستحق النقاش على أعلى المستويات، لنجيب بعدها على بعض الأسئلة الهامة:
ـ لماذا تعمل السعوديات خادمات في المنازل الخليجية؟
ـ هل نرضى بهذه الحقيقة المؤلمة، أم نسعى لتغييرها؟
ـ من المسئول عن دراسة الأمر واتخاذ القرار المناسب؟
الأسئلة كثيرة والإجابات قليلة، فقد قرأت من ينظر بانفتاح لهذه القضية ومن ينكرها أشد الإنكار، وقلمي المتواضع يطالب فقط بفتح الملف ونقاشه بشفافية والوصول إلى رؤية واضحة، تضع في الاعتبار الأول مصير النصف الأهم في مجتمعنا. فإن ظهر هذا المقال فهو إضافة إلى تميز الرياضية... وعلى منصات الوطنية نلتقي.