|


بندر الدوخي
مدفع رمضان ليس للحروب
2010-08-13
البارود.. خليط متفجر.. قيل أن مخترعه ألماني يدعى شوارتز.
ـ وذكر أن الصينيين عرفوه منذ القرن التاسع قبل الميلاد.. واستخدموه في الألعاب النارية.
ـ نقله العرب إلى أوروبا بعد أن استخدموا قوته المتفجرة في المدافع.
ـ ومما يذكر أن استخدام المدفع يعود إلى القرن الثاني عشر للميلاد.
ـ وقد أحدث استعمال المدفع وما أدخل عليه من تحسينات ثورة كبرى في عالم الحروب.
ـ والمدفع دخل الذهن البشري رمزاً للخوف.
ـ ولكن المدفع الذي ينطلق معلناً بدء شهر رمضان.. ويرافق أيامه صوماً وفطراً ليس مدفع حروب وتخريب وتوسيع.. بل هو مدفع حرب ضد الشهوات.. ودويه دوي الخير والمحبة والسلام.
ـ هذا المدفع الذي خف صوته في مدن الزحام والضجيج.. وضاع على أبواب المنازل المغلقة المكيفة التي تتصل بالدنيا عبر قنوات الهاتف والإذاعة والتلفزة.
ـ ومع ذلك لازال بيننا في هذه المدن العصرية السريعة من يتسلق المرتفعات والأسطح بحثاً عن صوت هذا المدفع وهو يعلن دخول شهر رمضان.
ـ ورغم أن الكثيرين فقدوا الاهتمام به في زمن الساعات الكهربائية والتقاويم والمراصد التي تحدد الزمن بجزء من الثانية.. فهذا التاريخ المدفعي لازال – مستمراً كرمز إعلامي.. وله تاريخ طريف – ومحبب لدى البعض – رغم أن آخرين لا يحبذون استقبال المناسبات السعيدة بالبارود.
ـ وتعود بداية هذا التقليد معلناً دخول شهر رمضان وفطره وسحره إلى سنة 859هـ وذلك عندما أهدي للسلطان المملوكي “خوشقدم” مدفع.. فأمر بتجربته.. وصادف إطلاقه أول يوم من رمضان.. وعند غروب الشمس تماما.
ـ فابتهج الناس.. واعتقدوا أن السلطان تعمد إطلاقه لينبههم إلى دخول وقت الإفطار.
ـ وفي اليوم التالي ذهب وجهاء الأهالي إلى مقر الحكم.. ليقدموا الشكر للسلطان على لفتته الكريمة. وعبروا له عن سرورهم وتقديرهم لهذا الابتكار الطيب.
ـ فما كما من السلطان إلا أن أمر باستمرار إطلاق مدفع الإفطار.. وأضاف إليه مدفع السحور.
ـ ورغم إمكانية الاستغناء عن هذا المدفع في الكثير من مواقع الحياة العصرية لانتشار الوسائل البديلة.. والأكثر حداثة.. وأقل ضجيجا.. إلا أنني أعتقد أنه لن يختفي بسهولة.. فلا زال.. وسيظل له دويه الساحر في الأعماق منذ ستة قرون هجرية.
ـ فصوماً مقبولاًَ.. وخروجاً بخير الدنيا والآخرة.