|


ابراهيم عوض
( من ديك وعيك)
2011-08-05
في مارس من عام 1990 فرض علي أن أرافق بعثة فريق المريخ إلى الجماهيرية الليبية , حيث كان يستعد لمواجهة فريق الصقور الليبي في دور الـ 32 لمسابقة كأس الكؤوس الأفريقية التي كان الفريق الأحمر يحمل لقبها في ذلك الوقت .
صادفت الرحلة بداية شهر رمضان الكريم , وتحركت بنا الطائرة من مطار الخرطوم قبل نصف ساعة تقريبا من موعد الإفطار.
(حللنا) صيامنا كالمعتاد بالبلح والماء المثلج , والشوربة الساخنة عند ساعة الأذان ونحن على ارتفاع أكثر من ثلاثين ألف قدم من سطح البحر .
وقبل أن نتناول وجبة الإفطار فاذا بقائد الطائرة , وبدون مقدمات يعتذر للركاب ويعلن بانه سيضطر للعودة إلى مطار الخرطوم , حيث علمنا فيما بعد أنه كان قد فقد الاتصال ببرج المراقبة.
حدث هرج ومرج من بعض الركاب , وكان مهاجم المريخ (المرعب) فتح الرحمن سانتو الذي تكفل برفع الأذان في الطائرة أكثر الناس خوفا ورعبا , فانزوى في مكانه ولم نسمع له صوتا إلا بعد أن هبطت الطائرة في مطار الخرطوم بسلام.
نقلونا إلى فندق قصر الصداقة المطل على النيل الأزرق من منطقة الخرطوم بحري , حيث قضينا ليلتنا به , قبل أن نواصل الرحلة في صباح اليوم التالي إلى العاصمة طرابلس.
ونحن في الفندق فكرت في الهروب ,والعودة إلى البيت , يعني بالواضح كنت ناوي (اكب الزوغة) , وقلت في قرارة نفسي , (إذا كان هذا أولها .. فكيف ستكون آخرتها).
والمقصود (بآخرتها) هو أن يفوز المريخ بالمباراة , ونحن حضور , ليزداد تعبنا وتسوء حالتنا النفسية , ونصبح على سفرنا نادمين.
حدث ما كنا نخشاه , وتحول (الصقور) الفريق الذي كنا نراهن عليه إلى حملان وديعة , فانهزموا بثلاثية بيضاء , كانت قابلة للزيادة , لولا دعواتنا وزملائي (هلالاب) الرحلة, الرشيد بدوري ورمضان أحمد السيد وعصام ميرغني.
كان من الطبيعي أن نكتم غيظنا أمام قيادة البعثة وافرادها بعد المباراة , ونتظاهر على أننا كنا سعداء بهذا الانتصار الذي يحسب للسودان قبل أن يحسب للمريخ.
لكن رئيس البعثة اللواء فيصل محمد عبدالله سكرتير المريخ في ذلك الوقت (يرحمه الله) كشف (نومتنا),بالصدفة وحرمنا من (الإكرامية) التي قدمها سفيرنا في ليبيا , لأفراد لبعثة , وحلف (بالطلاق) بعدها , قائلا : بانه لن يسمح لأي صحفي هلالابي بالسفر مع المريخ إلى أي مكان طالما هو على قيد الحياة.
الغريب أنه وبعد المباراة بيوم واحد تعرضت السيارة التي كانت تقل الوفد الصحفي المكون من سبعة صحفيين, إلى حادث مروري كاد يكلفنا حياتنا لولا لطف الله وعنايته.
لذلك قررت ألا أعود مع البعثة وألا أسافر مع المريخ مرة أخرى , حفاظا على روحي وأعصابي , وتأخرت بالفعل أسبوعين , كنت فيهما ضيفا على شقيقي الكبير محمد عوض (يرحمه الله) والذي كان يعمل حينها أستاذا بجامعة مصراتة.
(ومن ديك وعيك) وهو تعبير يعني التوبة.