حينما لايثق الإنسان في نفسه يعيش في صراع معها ومع الآخرين، فيصبح دائما يلهث دون إشباع يخترق الصفوف ويزاحم المبدعين ويتنطط في كل اتجاه، ومهما أخذ فهو لايشبع ويبحث عن المزيد ولن يملأ فمه إلا التراب، وفي المجتمع الرياضي وخاصة الإعلامي للأسف تتكاثر هذه العينات في كل مكان، فصارت حياتهم أشبه بالعمل الدرامي المحبوك بالسناريو والحوار، فتجدهم يتحدثون بعبارات وجمل جميلة تمكنوا من حفظها وأجادوا أداء الدور التمثيلي.. حتى أن المشاهد قد تعجبه أساليبهم، ولكن حينما يطول الوقت ويعيدوا شخصيتهم الحقيقية يخرجون عن المألوف ويظهرالنشاز في أساليبهم وتصرفاتهم، ففقدنا التلقائية والإبداع الحقيقي وبدأ كل شيء من حولنا مصطنعا، فالعبارات والابتسامات والتعاملات صارت معلبة ممجوجة، وحتى البساطة والتواضع صارت مصطنعة والسبب افتقاد المهنية والجدية والبحث عن الإثارة واللهث خلف الشهرة بأي أسلوب حتى لوكان ممجوجا مضحكا، والأسوأ أن يحمل ذلك الشخص فكرا متعصبا وقلبا حاقدا عندها لايمكن أن يحده أويردعه أي شيء بل قد يكون له ردة فعل قوية بسبب موضوعات بسيطة لا تستحق هذا الأسلوب من البعد في المواجهة والخصومة، فقد يعمل عملا سيئا تجاه مخالفيه في الميول فيفضحهم ويجردهم ويتهمهم بأعراضهم وسلوكياتهم ويفتري عليهم ويفجر بخصومته تجاههم، فيرتكب إثما قد يرمي به بالنار رغم أن دوافع هذا الإثم تافهة، وحتى لوكان الخصم قاتلاً لوالديه فلا يجوز أن يفعل معه هذه الأساليب الوحشية القذرة التي هي نتيجة الأسلوب الخاطئ الذي يمارسه بعض الآباء والمعلمين في توجيه الناشئة، فيركزون على القشور ويتركون الأهم في الدين وهو المعاملة بالبعد عن الغيبة والنميمة والحسد والبغضاء والتعامل بطيبة ورقي ونزاهة مع الناس، فيكبرون الصغير ويهملون الكبير، فمدارسنا من عشرات السنين وهي تركز على اللبس والشعر وسماع الأغاني وحرمة الأكل باليد اليسار وضرورة الابتعاد عن التصوير والتصفيق، فماذا كانت النتيجة؟ طلاب يلتزمون داخل حجرة الدراسة بما يقوله المعلم وفي المنزل يطبقون تعليمات والدهم، وحينما تنتهي المسرحية يعودون لشخصيتهم الحقيقية فيعبثون بالممتلكات ويحطمون الأشياء ويكسرون طوق النظام ويمارسون الفوضى والإسقاط وإيذاء الآخرين دون حياء، فشاهدنا تصرفات غريبة على مجتمعنا المسلم الذي لم يتعود على الكثير من الممارسات الغريبة.. فانتشر الفساد وضعف الوازع الديني وقل الحياء وزاد التبجح وانتشر الابتزاز وساء انتقال أثرالتعلم على طلاب العلم، وغاب الأسلوب الراقي في الحوار والمناقشة، وحلت مكانه المفردات السوقية المخجلة، وترى شبابا في عمر الزهوريتعاملون بصلافة وجلافة وعدم احترام للآخرين وفوضى في كل شيء، وتظهر أخلاقياتهم في قيادة السيارات وممارسة العنتريات والتعدي على حريات الآخرين ومشاعرهم، وأكثر مشكلة تواجه المجتمع السعودي هي ظاهرة النكوص، فالشباب تكبر أعمارهم وتتراجع تصرفاتهم.. وهذه نتيجة عدم فهم المربين لمراحل النمو حيث يكبت الأطفال ويحجرعليهم أن يمارسوا لعبهم وبراءتهم، وعندما يكبر هؤلاء الأطفال ويتحررون من قيود المربين ويكون لديهم القدرة على ممارسة مامنعوا منه وهم صغار فيمارسون سلوكيات الأطفال بعمر الكبار.. وهذه ظاهرة واضحة إضافة إلى تعامل المربين مع الناشئة بأسلوب الأوامر والنواهي فقط دون حوار راق أو مناقشة جادة وإعطاء الصغار فرصة اتخاذ القرار مع ممارسة التحجيم في التعامل والكلمات المستخدمة، فيكبر الصغير وهو لايملك مخزوناً يساعده على التعبير والتعايش مع الآخربن فيكون شخصا هامشيا سلبيا حاقدا لديه الرغبة في الانتقام وتحطيم الآخرين وليس لديه مشاعر أو أحاسيس من الحب والمودة لغيره، فهو لا يحب أحدا حتى لو أوهم نفسه أنه يحب، ولكن الحقيقة إنه حب أناني يمارس فيه التملك لإشباع رغباته المريضة، وأعذروني على هذه المقدمة الطويلة لأجل أن أقول للذين أساءوا لياسر القحطاني في عرضه وأخلاقه إن هذا العمل الجبان يدخل النار وأنا أسألهم ماهو المقابل؟ إن كنوز وثروات الدنيا كلها ليست مهرا لهذا العمل فمابالك إذا كان شخصا مسالما ليس بينك وبينه إلا أنه يلعب لفريق لا تحبه، والآن جاء الدور على النجم الخلوق سامي الجابر الذي يعتبر ثروة من ثروات الوطن التي يفاخربها إضافة إلى ما يتمتع به من أخلاقيات عالية وعلم وثقافة وشخصية إدارية قيادية، إنني اسأل المفترين على هذا النجم: هل مايقع به من أخطاء يستحق منا تتبع زلاته وسقطاته واتهامه بوحشية والافتراء عليه؟ هل ضمنوا التعمير في الدنيا حتى يمارسوا هذه السلوكيات المشينة؟ وقفة رحم الله ابن الرائد البار وصاحب القلب الكبيرعلي الحميدة الإنسان البسيط الذي هزت وفاته المجتمع بكل أطيافه نظرا لبصماته الخيرة التي ستبقى معه الآن بعد أن رحل عن الدنيا وجاء وقت الحصاد.