|


د . رشيد الحمد
واقع الرياضة السعودية من منظور نتائج البحوث العلمية
2012-07-11

إنّ المراقب الواعي والملاحظ المدقق والمتابع الأمين.. يشهدون جميعهم على أن الرياضة المحلية اليوم تمر بأزمة لم تشهدها من قبل في عالم يتميز بالإيقاع السريع.. لتحقيق أكبر عائد ممكن في شتى مجالات الحياة في زمن قياسي في ضوء التخطيط العلمي الشامل. ورغم أن الجميع استبشر خيراً بتولي الأمير نواف بن فيصل هرم الرياضة السعودية إلا أن الرياضة ظلت راكدة.. وأنا أحمّل مستشاري الرئاسة بأنهم لم يقدموا ولم يظهروا ما لديهم من خبرات للأمير نواف ومصارحته على الأقل بالواقع الإداري، لأن الواقع يقول إن من يعد ويطبخ القرارات والتوجهات ويعطي الموافقات ويظهر الوجه الحقيقي للرئاسة هم الموظفون الصغار من هم في المكاتب بإشراف الوكلاء ومديري العموم.. وما أعنيه أن واقع الرياضة السعودية ورياضتنا هو الذي تعكسه نتائج الفرق والمنتخبات السعودية في الدورات الخليجية أو العربية أو الآسيوية أو الأولمبية المتعددة ويوضحها تاريخ البطولات والدورات الأوليمبية وقوائم الشرف للفائزين بمراكز متقدمة أو بميداليات أولمبية بها وهذا يشير إلى غياب شبه دائم عن تحقيق مراكز مرموقة في هذه الدورات ما عدا فوز هنا وآخر هناك على الرغم من امتلاكنا لكافة الإمكانات المادية والبشرية التي تمكننا من تحقيق فوز مخطط ومستمر في هذه البطولات والدورات، ولكن هذا لا يتحقق، فنتائج دورة بكين بالصين التي أقيمت في أغسطس 2008 شاهدةٌ على إخفاقاتنا في المحافل الأوليمبية وكذلك بطولات الخليج والعربية والآسيوية التي أقيمت في السنوات الأخيرة، ونحن مقبلون على أولمبياد لندن ولسنا متفائلين بتحقيق أيّ ميدالية. ومن واقع الحس الوطني ومن تجربة امتدت لتصل إلى ثلاثين سنة في مجال الرياضة سأحاول تقويم واقع الرياضة السعودية للتعرف على جوانب القصور والقوة والعوامل المشتركة والمتفردة في أسباب القصور الذي يصيب رياضتنا، ويحد من وصول منتخباتنا إلى مراكز متقدمة بصفة دائمة، وإن الوصول إلى منصات الشرف في الدورات الأوليمبية والبطولات الدولية أحد الأحلام الوطنية لكافة الدول والشعوب، ولكن العمل على تحقيق هذا الحلم يحتاج إلى إمكانات وجهود في إطار علمي يحقق ما نحلم به، والنتائج التي تحققت في الدورات الأوليمبية الأخيرة ما زالت عالقة في أذهاننا وما زالت حالة الفرق السعودية خاصة ماثلة أمامنا من فشل وتخلف في المستويات المهارية والرقمية في أغلب الأنشطة إن لم تكن كلها، فيما عدا ميدالية هنا وأخرى هناك ومراكز شرفية في أغلب الأحيان.. بينما الجانب الآخر فإن ما ظهر من إعجاز في الجمباز والسباحة وألعاب القوى والغطس مازال يداعب أحلامنا في مدى إمكانية تحقيق مستويات قريبة من هذا المستوى المعجز وتحقيق ميداليات في المحافل الدولية والأولمبية ورفع علم المملكة في هذه الدورات فوق منصات الشرف والفوز بطريقة مخططة ودائمة تتلاءم مع الإمكانات الاقتصادية والبشرية الهائلة للمملكة. وتحديد مدى إمكانية تحقيق مكانة أولمبية مخططة ووسائل تحقيق ذلك تعتبر عملية في غاية التركيب والتعقيد والإجابة المعروفة في حدود ما سبق تحقيقه حتى الآن هي أنه لا توجد أي إمكانية لتحقيق أي مراكز متقدمة في الألعاب الفردية وكذلك في الألعاب الجماعية بمستوى يعكس دورنا الحضاري والقاري والعالمي في الدورات المقبلة بطريقة منظمة ومخططة ودائمة لا تخضع للصدفة وبالنظر إلى أهم عامل هو عدم وجود معايير أو المحك للتقويم وهذا عمل يفترض أن تقوم به اللجنة الأولمبية العربية السعودية وهو واحد من أهم مسؤولياتها التوصل إلى معيار أو المحك لتقويم هذا الواقع بطريقة علمية وموضوعية، فأساس التقويم هو وجود معيار محدد يمكن من خلاله التعرف على الجوانب الأساسية للوصول إلى المراكز الأولى والأولمبياد وتحقيق نتائج محددة وبين ما هو قائم لاكتشاف مواطن القوة والضعف في الواقع الفعلي للرياضة السعودية، ومن الأهمية أن تقوم اللجنة الأولمبية السعودية لبناء معيار، اعتمادا على آراء ونتائج الدراسات التي أشارت إليها اللجنة الأوليمبية الدولية وعرضت في مؤتمرات دولية بعنوان المحددات في المصادر البشرية والفنية للوصول إلى الإنجاز الأولمبي، حيث حدد هذه العوامل فيما يلي: 1ـ الحماية والمساعدة والتشجيع للرياضي من المجتمع ككل. 2ـ تطوير الرأي العام واهتماماته لتشجيع المنافسة الرياضية وخصوصاً الناشئين والناشئات من خلال وسائل الأعلام. 3ـ تبنى سياسات ذات فاعلية كبيرة للاتحادات والأندية الرياضية. 4ـ زيادة عدد ممارسي الرياضة وزيادة عدد الأطفال الممارسين للأنشطة المختلفة وخاصة الذين يظهرون مستوى جيداً. 5ـ الاختيار المبنى على الموهبة. 6ـ أساليب التشجيع المنظم للمواهب الرياضية. 7ـ تحسين طرق وأساليب التدريب وأساليب أعداد المدرب الكفء. 8ـ تحسين طرق الأداء الفنية واستناداً للبحوث البيوميكانيكية. 9ـ استخدام التطويرات التكنولوجية في المجالات الرياضية. ولأن العمل يحتاج إلى تطوير إداري ليتوافق مع العمل الفني فإنني اقترح وبصفة عاجلة إعادة هيكلة الرئاسة العامة لرعاية الشباب مع مراعاة مايلي: 1ـ تحديد الإستراتيجية الوطنية للرياضة السعودية كأساس منطقي لوضع إستراتيجية شاملة للرياضة. 2ـ فصل عمل الرئاسة عن اتحاد الكرة وأن تحظى جميع الاتحادات بالاهتمام المالي والإداري كما يحظى به اتحاد كرة القدم. 3ـ تفرغ الرئيس العام لرعاية الشباب للعمل القيادي للرئاسة فقط. وإلزام الوكلاء ومديري العموم بحضور مناسبات الاتحادات الرياضية ونهائيات بعض البطولات الرسمية لها 4ـ ينبغي أن تعمل الرئاسة العامة لرعاية الشباب على تجديد وتعديل اللوائح الموحدة التي تنظم عمل الرياضة بشكل عام بما فيها الأندية حتى لا تخضع للاجتهادات التي تؤثر على مسيرتها. 5ـ الاهتمام بالثقافة الرياضية في مؤسسات التعليم العام، أن يكون الأساس السليم لإعداد الإنسان الصالح من الطفولة المبكرة من الناحية البدنية والنفسية والعقلية والاجتماعية في إطار من القيم الروحية والإنسانية السامية.. من خلال رفع التنسيق بين الرئاسة ووزارة التربية والتعليم إلى الأفعال لا الأقوال. 6ـ يجب أن يتعاون مسؤولي الوزارات المعنية بالشباب مع مسؤولي الرئاسة وقادة المؤسسات الإعلامية من أجل المساهمة الإيجابية في غرس أساليب ممارسة الرياضة لأعضاء المجتمع العريض من المراحل السنية المبكرة. 7ـ يتعيّن تصحيح وضع الأندية الرياضية بأن يتوفر لهما الإمكانات الضرورية من دعم ومنشآت وملاعب وصالات. 8ـ مراجعة خطط وبرامج معهد إعداد القادة، بحيث تتلاءم مع التطورات العلمية المتجددة 9ـ إجراء دراسات مسحية للتعرف على حاجة الشباب من البرامج والأنشطة، لتحديد مواطن الضعف لعلاجها وللعمل على تنميتها وتطويرها. 10ـ تعيين كفاءات ودماء شابة تقود العمل الرياضي من جديد بروح طموحة وفكر حديث ويمكن الاستعانة بالقيادات المبتعثة من قبل الرئاسة في إطار التعاون بين الرئاسة وكلية التربية البدنية. 11ـ دعوة أجهزة الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية إلى غرس أساليب ممارسة الرياضة والروح الرياضية والانتماء والتسامح والتفاهم ونبذ التعصب بين المجتمع الرياضي والمشجع والمتابع داخل مجتمعنا على وجه الخصوص.