أحمد المطرودي
هل تحقق السعودية كأس العالم؟
2012-07-24

قبل انطلاق كأس العرب كنت في مداخلة مع إحدى القنوات التلفزيونية وسألني المذيع عن المنتخب السعودي المشارك في البطولة وكيفية الاختيار والآلية التي عن طريقها يتم اختيار العناصر والاستعداد، وقلت حينها: إننا من عشرات السنين ونحن ننتقد طريقة إعداد الأخضر والأخطاء الكبيرة التي تحدث وتتكرر في كل مناسبة مما يجعل الناقد يصاب بالإحباط، فالأخطاء ليست شيئا دقيقا لا يمكن أن يكتشفه إلا أشخاص يتميزون بالخبرة الفنية والتخصص والمهارة النقدية، إنها أخطاء بديهية لا تحتاج ذكاء وتركيزا، ولأنها تتكرر فقد عرفها الصغير والكبير..العارفون والجاهلون الغائبون عن الساحة والحاضرون فلم يعد سراً لا يعرفه إلا القلة فلو عدنا للوراء قليلا أو كثيرا لوجدنا التخبط والعشوائية والارتباك والتردد في الاختيار والتشكيل والمباريات الودية الاستعدادية وتغيير الأسماء التي شاركت في الإعداد عن تلك التي لعبت المباريات الرسمية، وشخصيا انتقدت هذه الطريقة في أكثر من مناسبة فلا يمكن أن يتحقق المستوى المرضي في كرة القدم ما لم يكن هناك ثباتا واستقرارا وانسجاما فاللاعب السعودي مهما كانت نجوميته تجده ينزل إلى أرض الملعب وهو مرتبك وقلق ومتوتر وغير قادر على إثبات نفسه وفرض وجوده وكأنه لاعب جديد صاعد حديثا. وهناك القلق الذي يتسبب به الإعلام والجماهير حينما يمارس النقد القاسي المحطم للنفوس والذي يلغي الإيجابيات ويركز على السلبيات ويقسو بعباراته وطريقته ويمارس الإقصاء، فاليوم هو نجم الجماهير الأول، وغدا اللاعب المنتهي الصلاحية الذي لا يصلح أن يكون لاعبا في المنتخب بل مكانه المدرجات حتى الحواري لن يقبلونه والجماهير لا تحبه والمسؤولون يجاملونه من أجل ناديه وهكذا يستمر سيل الإسقاط المرضي المشحون بألفاظ ومفردات متدنية فكيف يستطيع اللاعب أن يقدم شيئا أمام هذه التعليقات البشعة التي لا يتحملها أي إنسان ويستدعى للمنتخب بعد أن كان خارجه ثم ينسق وينسى ولكن بقدرة قادر يعود ليس احتياطيا بل أساسيا في لقاء مصيري ينتظر الناس منه أن يجلب الفوز بعصاه السحرية، فيلعب بطريقة مرتبكة ومترددة وخائفة، ومن البديهي أنه سيقدم جزءا بسيطا من إمكانياته. ولعل أقرب الأمثلة ما قدمه لاعبونا أمام ليبيا من ضعف في الشخصية والقوة والتلاحم، وعلى العكس تجد أن لاعبي المنتخب الليبي يمارسون اللعب بقوة وصلابة وهدوء واستقرار وانسجام، فالأفراد ثابتون ويقدمون كرتهم دون توتر أو استعجال وتهور ويتناقلون الكرة ببساطة وتلقائية وروح عالية ولياقة متوازنة والكرة السعودية لن تتطور طالما الأخطاء تتكرر مع سبق الإصرار والترصد ويصاب المدربون بالتبلد وقلة الحماس بسبب الرواتب العالية والضخمة التي تصرف لهم، والمدربون الأجانب لن يكونوا قادرين على تطوير المنتخب السعودي وهم يعدونه كالوجبة السريعة المؤقتة التي تسد رمق الجوع ولا تقدم للجسم أي فوائد. إنني أعلنها ودائما أقولها إن المنتخبات التي تشكل من أسماء دون النظر للمستويات الحقيقة وتخضع لإعدادات خاطئة لا تمثل واقع الكرة السعودية، كما أن طريقة تطبيق الاحتراف بهذا الشكل سيعيد الكرة السعودية ولاعبيها للوراء، والتطوير لا يمكن أن يتم إلا من خلال الأساسيات والجذور، فلو أنفق الاتحاد السعودي الملايين على المنتخب ليحصل على كأس العالم فلن يستطيع تحقيقه من خلال لاعبين لم تكن أساسياتهم وبنيتهم سليمة وهذا يخضع إلى معايير تربوية وصحية وبيئية في النشأة التي تقدم لاعبين جاهزين أو العكس وهذا عائد لتطور المجتمع، ولو قسنا على المجالات الأخرى كيف كان الناس يتندرون أن يكون هناك طبيب سعودي أو طيار أو مخترع أو مهندس في الكهرباء والميكانيكا، فلو طورنا المجتمع لكان قادرا أن يقدم لاعبين لديهم الإمكانات الفردية التي تحتاج إعدادا جيدا ليتشكل منهم عناصر قوية تنافس على كأس العالم وتحققها.