|


سعد المهدي
أنديتنا ليست جمعيات واللاعب ليس متطوعاً
2012-07-24

لا أرى أن احتراف لاعب سعودي خارجياً حتى لو كان ذلك في أحد أندية أوروبا سيغير شيئا في واقع الكرة السعودية، منذ السبعينيات ولاعبون أفارقة (عرب وغير عرب) يلعبون لأندية أوروبية وفي دولنا العربية دون أن يحدثوا التغيير الفارق على مستوى الكرة في بلدانهم الذي يتوهم البعض أنه يمكن أن يحدث بمجرد أن يلعب واحد أو عشرة لاعبين في الخارج. وأكثر ما يصيبني بالحيرة الطرح الذي لا يتوقف حول ضرورة أن يكون للكرة السعودية ممثلوها المحترفون في الخارج أو السؤال الذي لا ينقطع لماذا لا يلعب لاعبونا كمحترفين في الخارج أو الاستدلال غير الراشد بأن عدم وجود محترفين سعوديين يلعبون لأندية خارج بلادهم دليل تواضع مستوى اللاعب والكرة السعودية. لقد عرفت الكرة السعودية اللاعبين غير السعوديين على ملاعبها منذ نشأة اللعبة في البلاد، ولعب لأنديتنا منذ منتصف السبعينيات الميلادية لاعبون من اليمن والسودان والصومال ومصر وتونس والمغرب والجزائر وليبيا والكويت وقطر وعمان والأردن وسوريا والعراق أي أنه لم يتبق تقريباً دولة عربية إلا وكان للاعبيها تجربة احترافية بيننا، ناهيك عن دور بعضها كالسودان في المساهمة في نشوء وتطور اللعبة حتى وصلت الكرة السعودية بعد منتصف الثمانينيات أوج قوتها بنيل كأس آسيا والتأهل للأولمبياد، وما تلى ذلك من إنجازات متساوية بذلك مع أعرق هذه الدول كروياً، وهو ما لم تحقق شيئا منه جل هذه الدول دون أن يلعب لاعب سعودي واحد في الخارج عدا تجارب أو إعارة محدودة لعدد محدود لأسباب ظرفية. أولاً لا أعتقد أن المحترف يمثل الواقع الفني لمستوى الكرة في بلاده، كما أن عددا من المحترفين هنا وهناك لم يصنعوا لبلدانهم منتخبات مهمة وشواهد ذلك كثيرة، ثم إن المحترف من مثل هذه الدول إنما كان يهرب من واقع معيشي سيء سعياً لتحسين وضعه وكسب رزقه ومتى عادة ما حصل على هذه الفرصة فإنه لا يتركها حتى ينتهي به المطاف إلى أي عمل آخر يغنيه عن العودة إلى بلاده بعد أن يكون تنقل بين أكثر من ناد وأكثر من دولة فطاب له المقام ورغد العيش وترفه وفي أفضل الظروف فإن البعض منهم يلعبون لمنتخبات بلدانهم من خانة عرض مميزاتهم الفنية في انتظار عقود جديدة. اللاعب السعودي ليس أقل موهبة ولا إمكانيات من نظرائه في المنطقة والقارة وعدم احترافه خارجياً لا علاقة له بذلك، وحتى إمكانية لعبه لأندية أوروبية ليست صعبة لكن ذلك كله مشروط بما لا ذنب للاعب السعودي فيه أن مسؤولية ذلك تعود لثقافة شكلها مستوى معيشي وعلاقات أسرية وأنظمة وقوانين مجتمع جعلت اللاعب في غنى عن التفكير حتى في جعلها أحد خياراته إلا في حالة رغبته في القيام بمغامرة أو مدفوعاً بحماس زائد وهؤلاء قلة جداً. 99% من اللاعبين الأجانب الذين وافقوا على اللعب في منطقتنا كان دافعهم ربما الوحيد المال، ولاعبونا لا يمكن أن يقدم لهم أكثر مما تقدمه لهم أنديتهم تحت أي ظرف، إذاً لماذا اللعب في الخارج؟ فإذا كانت أنديتنا تقول إنها ليست جمعيات خيرية والكل يوافق على ذلك فلماذا يطلب من اللاعب السعودي أن يكون متبرعاً بما سيتقاضاه في أندية بلاده ويتطوع للعب في الخارج؟.