في شهر رمضان من العام قبل الماضي ودّع الوطن رجلاً يندر تعويضه، حيث رحل عن الدنيا الفانية أفضل إداري سعودي من وجهة نظري الخاصة “غازي القصيبي”، ذلك الرجل الذي عطّر بسيرته تاريخ الإدارة السعودية، والتي يستطيع الإبحار فيها من يقرأ كتابه “حياة في الإدارة”، حيث يسرد - بأسلوبه الأدبي الراقي - سيرته الإدارية وتعايشه مع الإدارة من حوله في كل مراحله العمرية. أتذكر “القصيبي” وأدعو له موقناً بأنه كان من أكثر المخلصين للوطن في جميع المناصب التي عمل فيها، فكان نظيف اليد والقلب في زمن انتشار الفساد، وكان يبدع وينجز بطاقة يندر وجودها في البشر محدودي القدرة على العمل وتنظيم الوقت، فهو المسئول والمستشار والأديب والمحاضر الذي يضع مصلحة الوطن نصب عينيه، ولن ينسى له الوطن مواقفه التي لا يمكن لمقال مختصر أن يحيط بها. حين عانقت شهرة الوزير عنان السماء كاد له الحسّاد فلم يحبط ولم يتذمر، وفي ذلك درس لمن يستوعب الدروس حيث إن نهاية المطاف نكتبها نحن بأيدينا ولا تكتبها القرارات التي تتخذ بحقنا فقد عاد الوزير وزيرا. ذكرني الوزير “غازي القصيبي” بالرئيس “محمد بن همام” الذي وصل قمة المجد الكروي بالمنافسة على مقعد رئيس (فيفا) وكان قاب قوسين أو أدنى من الفوز، فصدر بحقه قرار بالإيقاف مدى الحياة عن العمل الرياضي متهماً بأبشع الجرائم التي تلطخ السمعة والاسم الذي لا يملك الإنسان أغلى منهما، ولكنه صبر وآمن بقضاء الله وقدره واثقاً من نصره، فكان النصر لمن صبر وعاد الحق إلى نصابه. تغريدة tweet: من سيرة “القصيبي” أقتطف لكم إصراره على ركوب القطار والسفر به فور تعيينه مديراً للسكة الحديد وذلك لتجريب خدمات القطاع الذي سيشرف عليه، ويقيني أن تعميم هذا السلوك على كافة المسئولين سيجعلهم يتذوقون طعم الخدمات التي تقدمها القطاعات التي يشرفون عليها بطريقة تغني عن التقارير التي يغلب عليها التلميع، فهل نتعلم من “القصيبي” بعد رحيله ما فشلنا في تعلمه حين كان بيننا.. وعلى منصات رمضان نلتقي،،،