عبدالمجيد شتالي قال كلاماً تفسيرياً لما عليه حال البرتغالي كريستيانو رينالدو والأرجنتيني ليونيل ميسي. والقراءة الفنية هي حس وقدرة على التحليل المجرد، والذين يملكون هذه الخاصية ليسوا على مستوى واحد بل يتفاوتون شأنهم شأن كل المشتغلين في هذا المجال بكافة أشكاله وهذا موضوع آخر. يرى شتالي أن الفارق بين النجمين كريستيانو وميسي يظهر في الـ15م الذي يستحوذ فيها أحدهما على الكرة، حيث تتجلى القدرات الشخصية للاعب معتمداً على قوته البدنية والمهارة والسرعة والذهنية، وهو يرى أن كريستيانو يفوق ميسي في هذه الحالة، إذ أن الأخير دائماً ما يعتمد على المجموعة التي تحيط به من زملائه في الفريق، ويدلل على ذلك بمكانة كريستيانو التي لم تهتز في الفرق المتعددة التي انتقل إليها، حيث ظل يفرض حالته الفنية والبدنية ويعبر عن إمكاناته كلاعب فذ موهوب، بينما لم يكن ذلك واضحاً إذا ما كان ميسي سيفعل ذلك لو تخلت عنه مجموعته، وما يزيد من الشكوك فعلا ما يظهر عليه من مستوى حين يلعب لمنتخب بلاده الأرجنتين. أترك أيضاً هذا كله وأشير إلى أنني استمعت إلى رأي شتالي بكثير من الإعجاب ونقلته من حيث فهمي له، وأنقله أولاً لأنه مختلف وثانياً أحاول فيه التأكيد على أن القراءة الفنية والتحليل المجرد من أي أمر آخر يصيب كبد الحقيقة حتى لو لم يكن كما نود أو نهوى، ثالثاً لأقول أن التصدي إلى مهمة التحليل الفني أمر لا يجب أن نستخف بشروطه اللازم توفرها في من نختاره للقيام بهذا العمل، رابعاً أن هذا الحس الفني الفطري والقدرة على نقلها لطرف آخر ليس لها من شروط أكثر من توفرها في من نختاره بعيداً عن ما يحمله من خبرات أو تاريخ أو شعبية أو خلافه، خامساً أن أولى الواجبات لهذا المحلل التحضير التام الذي يؤدي إلى التفسيرات المنطقية والقراءات الموفقة مع لزوم الاختصار الذي يقي من الزلل والتناقض. ليس فقط ما ذكرت يمكن له أن يضمن وجبة تحليل فني غنية وشهية، إذ لابد أن يساعد (التكنيك) التلفزيوني للبرنامج على هضم الوجبة والتلذذ بها من خلال اختيار المقدم وشكل الاستديو وضبط إيقاعه الزمني والطريقة المتبعة في الذهاب للملعب والعودة للاستديو والذهاب للفواصل الإعلانية وغيرها بما لايجعل الأمر يبدو وكأنها تزجية وقت أكثر منه عملاً برامجياً محدد الرسالة والمستهدفين بها. نملك محللين فنيين جيدين لكنهم ليسوا كثر، وما أضعف من أهمية هذا العمل الذي له دور تكميلي في إخراج الصورة النهائية للمنافسات هو دخول أسماء تظن أن التحليل الفني ساحة لاستعراض آراء شخصية وإبلاغ رسائل تحذيرية أو مطمئنة للفرق أو اللاعبين أو لمن وراءهم من إدارات وجماهير، بينما الأمر ليس كذلك. وأعود إلى عبدالمجيد شتالي الذي كان أحد رواد هذا الفن ومن أبرز من تصدوا له، لأذكر أنه ما حقق ذلك اعتماداً على تاريخه وإن كان درب فريقاً عظيماً في مونديال 1978 ولكن لأن المسألة قدرات تتوفر أو لا تتوفر أو بحدود تزيد وتنقص، ليس كل المحللين وإن كانوا أكفاء أو غير أكفاء مثل بعض، لكن لابد من أمرين كحد أدنى التحضير والاختصار، وهذا في ظني يجب عدم التنازل عنه.