أهم ما يخفف من القيل والقال ليس فقط الكشف بوضوح عما يجري وإنما أيضاً اختيار الحلول الأقرب للصواب أو على أقل التقدير غير العشوائية أو لا مسؤولة. تشلسي مثلاً يريد أن يعوض رحيل دورجبا من خلال نيته التعاقد مع الكولومبي رادميل فالكاو في الفترة الشتوية للانتقالات مقابل 45 مليون جنيه إسترليني ونقلت الصن البريطانية أن مالك النادي رومان إبراهيوفيتش طالب بالمسارعة بإنهاء ملف التعاقد مع فالكاو حتى يقطع الطريق على الأندية الأخرى التي يمكن أن ترغب في التعاقد معه، لم يخفِ المسؤولون في تشلسي أنهم في حاجة لمن يعوض دروجبا الذي كادت بعض المصاعب الإدارية والمالية أن تبعده عن النادي الصيني شنغهاي شينخوا بسبب خلاف الممول الرئيسي للصفقة مع مجلس إدارة النادي، حيث أيضاً لم يخفِ الممول وهو رئيس النادي الملياردير جون جو بأنه يرغب في الحصول على الجزء الأكبر من الرقابة على النادي مقابل ما يدفعه، كذلك لم يخفِ هذا الداعم أنه يريد شيئا من وراء ما يدفعه من أموال، أيضاً قال دروجبا: عندما لعب سبع مباريات في الدوري الصيني سجل خلالها خمسة أهداف، إنه سعيد بوجوده في الصين وأنه يفتقد الدوري الإنجليزي لأنه الأفضل في العالم ولكنه غير نادم على اختياره، لم يتخلَ عن قناعاته ورأيه المجرد، لم يجامل الصينيين كما أنه لم يتنكر للإنجليز، ببساطة كان صادقاً مع نفسه وتلك الحلقة المفقودة في نظام علاقتنا وتعايشنا مع بعضنا البعض التي كثيراً ما كنا نلتفت هنا وهناك للبحث عنها دون جدوى. تتعقد أبسط الأمور بأسباب عدم مباشرتها بعدم تسمية الأشياء بأسمائها، وتصعب أسهل المسائل بتركها حتى تتشعب دروبها أو تتغير وتضيع ملامحها، يعز علينا كثيراً أن نقول إن هذا اللاعب لم يعد يرغب في الاستمرار في نادينا أو أن هذا المدرب خدعنا بتعاقده مع أجانب غير أكفاء لا نجرؤ على القول إن رئيس النادي أو عضوه الشرفي لم يعد مهماً ولا مبالياً بمصالح النادي قدر اهتمامه بالظهور الإعلامي، أو أن يقول اللاعب سيكون هذا الموسم الأخير مع ناديي، سألعب مع النادي الفلاني في فترة الانتقالات القادمة، أو بعد بعد القادمة، لقد مللت من اللعب مع ناديي الحالي، قال شيئا من هذا أحمد الفريدي ولم يعجب الكثيرين وسخر منه البعض ولكن أيضاً لأنه فيما بعد لم يلتزم بخط واضح في ذلك. ثقافة المجتمع أحياناً تفرض بعض القيود على المكاشفة أو الطريقة التي يمكن لنا أن نختارها لمواجهة بعض المواقف خاصة عندما يتعلق الأمر بمثل ما يجمع بين الأندية الرياضية واللاعبين أو المسؤولين والشرفيين وبقية أطراف الوسط من جمهور وحكام وإعلام، الكل يريد تحقيق ما يرغب لكن دون أن يفصح أو يواجه، الكل يريد أن يضع البعض في مواجهة الآخر ومعه تضيع الحقوق وتتعطل الواجبات وتفشل الأحكام في أن تحقق العدل بين الجميع. لكم أن تتصورا لو عاش وسطنا الرياضي (يوم صدق) يوم واحد يتم العمل والقول فيه بصدق بعيداً عن المجاملة أو الخشية أو المناورة، كم سيحقق ذلك اليوم من حلول لكثير من قضايا معلقة ومشاكل متراكمة وانفراج في أفق العمل الرياضي على صعيد اللاعب والنادي والاتحاد والمؤسسة الرياضية والإعلام والجماهير، ستبدو وكأن السماء انفتحت ولم يعد أفق يحد من التطلع لمزيد من العمل والإنجاز والشعور بالبهجة والمتعة والرضا، وقد زالت حدود من الشك والريبة والظنون وعادت حقوق ورفعت مظالم واختفى من قاموس تعاملنا وحياتنا القيل والقال الذي دحضها الصدق والمكاشفة.