تزايد ملحوظ في عدد الراغبين في الحج من المواطنين والمقيمين ويعود ذلك لأسباب أهمها زيادة الحس الديني ولله الحمد والرغبة للتقرب إلى الله عز وجل بالأعمال الصالحة. وثانيا توفر السيولة ولله الحمد لدى الكثير من المواطنين والمقيمين نتيجة لحالة الرخاء والأمن والوفرة الاقتصادية التي يعيشها الوطن. وثالثها قصور في مفهوم التعبد والتطوع والفرق بين العبادات والمعاملات مع عدم فهم لموضوع شرط الاستطاعة الذي وجه به الشارع الحكيم. وعادة تصلنا أحيانا رسائل بالتبرع لحملات لمساعدة الناس لأداء الحج ويتم وضع أرقام حسابات لبنوك أو أرقام هواتف لجمعيات خيرية.. ويكون ذلك مع اقتراب موسم الحج. ومثل هذه الطلبات والدعوات تحتاج لبحث ودراسة لأننا عندما نذكر أركان الإسلام نجد أن الركن الخامس هو (حج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا) فهذا الركن مربوط بالاستطاعة المادية والبدنية والقدرة على القيام بذلك وهذا من رحمة رب العالمين بعباده والتيسير عليهم، فمن لا يستطيع يسقط عنه الفرض ويمكن له التقرب والتعبد إلى الله عز وجل بكل الطرق والأركان الممكنة التي يستطيع عليها ومن ذلك العبادات والمعاملات والقيام بما حث عليه الله عز وجل من مكارم الأخلاق وتجنب ما حرم الله، أما هذا الركن الخامس فهو لمن استطاع إليه سبيلا.ومن يشاهد التزايد الهائل للمسلمين ولله الحمد والرقعة الجغرافية المحدودة التي تؤدى فيها مناسك الحج يدرك رحمة الله عز وجل الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء من أن هذا التزايد سيجعل الحج مستحيلا لجميع المسلمين وبالذات مع حالات الزحام الهائلة وما نتج عنه من وفيات وصعوبات وإصابات إضافة إلى أنه رغم ما تقدمه حكومة بلادي العظيمة المملكة العربية السعودية من دعم وجهد وعناية ورعاية وخدمات هائلة في المشاريع والتقنيات والاستعدادات على كافة الأصعدة إلا أن الخلفية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية التي يأتي منها بعض الحجاج وقصور التوعية قد تكون سبباً في بعض المشكلات التي تحدث في الحج. إضافة إلى ذلك فإن الدول الإسلامية مجتمعة أقرت نسبة محددة لكل دولة حسب عدد السكان ويتم الاختيار من الدولة حسب تنظيم معين للعمر والأسبقية والقرعة حيث يتم ذلك في إطار قانوني تحكمه أنظمة كل دولة وبرامجها المتبعة. لكن المؤسف جدا ما يفعله البعض من مجاملات وإحراج لممثليات خادم الحرمين الشريفين (حفظه الله) في العالم من فيز المجاملة للحج وحجم التوسط والشفاعات عليها بحيث يحج تحت مظلة إحدى الجهات مستمتعا بمواقعها السهلة داخل المشاعر المقدسة وبالأكل والشرب والخدمات المجانية مع تكرار الحج كل عام تقريبا سواء من حجاج الداخل أو الخارج. وينبغي الالتزام بالضوابط والقواعد التي وضعتها الدول الإسلامية بالنسبة لحجاج الخارج والتشدد فيما يخص حجاج الداخل ومنع المتسللين المفترشين أو سكان مكة أو من يأتي لغرض البقاء بها ثم الحج في يوم عرفة مسهماً بالزحام وإيذاء المسلمين بحيث يبقى الحج مرة واحدة في العمر كما فرضه الله عز وجل ومنع أشكال المجاملات والتجاوزات وتحجيج غير القادرين الذين أسقط الله عز وجل الفريضة عنهم وربطها بالاستطاعة وتبيان ذلك للمسلمين لأن المستقبل ومع كل المشاريع الضخمة التي تقوم بها المملكة فإننا سنجد أنفسنا في مشكلة كبيرة لن يحلها إلا تطبيق توجيه الله الأعرف بعباده والأرحم بهم والذي ربط الفريضة بالاستطاعة وشرح كل ما يقرب العبد لربه في فقه العبادات والمعاملات وليس في إحضار أو تحجيج من أسقط الله عنه الفرض مع أهمية التوعية من العلماء والدعاة ووسائل التوعية والإعلام بالالتزام بطاعة ولي الأمر فيما يتعلق بالحج كل خمس سنوات ومنع أشكال التكرار ومزاحمة الناس وفتح المجال للآخرين الذين لم يحجوا وعدم مضايقتهم وعدم تجاوز الأنظمة والتعليمات. إضافة إلى ذلك شرح سبل ومجالات التقرب إلى الله بالعبادة وأن الحج يكون أروع وأطهر وأنقى لمن استطاع إليه سبيلا، ولهذا أحترم وأقدر حجاج بعض الدول ومنها ماليزيا وإندونيسيا وتركيا وغيرها الذين يجمعون القرش مع القرش ويعملون بكل طهرة ونقاء ونزاهة لجمع مال رحلة الحج والتي قد تستغرق أعواماً مديدة لكن هو في نهاية الأمر من جمع وعمل وتقرب إلى الله بكل إخلاص وصدق ولم يحرج أحدا في ذلك.