لم أهتم يوماً بالتفكير في وجاهة ما يطرح حول ما إذا كان من الوطنية تشجيع الفرق الوطنية سواء المنتخبات أو الأندية التي تمثله إلا أن مثل هذا الطرح لاشك أتوقف أمامه لفهم كيف ولماذا ومتى وأين يطرح ومن يطرحه؟ لأن لذلك دلالات، هذا من جهة، أما من جهة أخرى فإنه لعلمي أن طرح كهذا لابد أن يساء فهمه سواء بتعمد أو بواسطة التشويه. دائماً أرى أنه من المواطنة أن تشجع كل منتج وطني لكن ليس بالضرورة أن ذاك المنتج إذا لم يعجبك أو يروق لك ينقص من قيمة انتماءك للوطن، أرى أن تشجيع المنتخب أو النادي الذي يمثل الوطن مهم إلا أن الأهم منه هو عدم الوقوف ضده بقصد الإضرار أي أنني أقبل أن لا تشجع المنتخب أو النادي الذي يمثل الوطن من باب إما أنك في الأصل غير مغرم بالرياضة ومنافساتها أو أنك غير معجب بأداء هذا المنتخب أو تشجع ناد آخر هو أيضا من أندية الوطن وهذا مفهوم ويجب تفهمه بشرط ألا تقول أو تفعل ما يلحق الضرر بالمنتخب أو النادي أو تجاهره بالمعاداة التي تلحق الضرر المعنوي وتؤثر بالتالي في قدرته وتضعف من عزمه. في مجتمعنا الرياضي المكون من أندية واتحادات ومسؤولين وجماهير وإعلام يتم مرات تقاذف كرة النار (الوطنية) إما بغرض توحيد الصف أو لتهدئة النفوس وأحياناً للاحتواء وقد تكون في بعض المرات للتخويف وأظن أن هذه البضاعة بدأت تفقد صلاحيتها فلم ولن يكون الوطن مقياس قيمته وشموخه بانتصارات كروية ولن يكون الولاء له وحبه مرتبط بتشجيع الفرق الكروية التي تمثله هذه الاختزالات المستفزة تتسبب في عكس ما يراد لها كما أنها لم تعد مقبولة أيضا مع كثير من التجارب والأحداث والقضايا التي مرت سنوات خبر فيها الجميع متى تم استخدام مصطلح الوطنية ولماذا وكيف أنه فشل في أن يتجاوز حدود الحناجر وأقواس الكلمات ذلك لأنه استخدم لأغراض ذاتية آنية لم تصمد مع أبسط اختبار. إن الوطنية التي علينا تشجيعها ودعمها والحث عليها هي صلاح الفرد وإصلاح من حوله لزيادة جرعة الوعي الذي يؤسس المجتمع على فهم حقيقي بقيمة الوطن الذي من حقه علينا حفظه وتنميته، وهذان الأمران لا يتمان إلا بصلاح الفرد الذي يعلي من شأن أمن الشارع ونزاهة الوظيفة والخوف على الممتلكات العامة ومباشرة عمل الواجبات قبل البحث عن الحقوق. قد لا يروق لك نظام ساهر المروري، لكن لا يحق لك أن تقف أمام تطبيقه، يمكن الملاحظة على نظام البريد لكن لا يمكن أن تسمح لك وطنيتك وتحضرك ومدنيتك أن تقوم بتكسير صناديقه، إن من الوطنية أن تساهم في تفعيل أي خدمة يراد تقديمها من خلال منح الجهة فرصة التجريب والعمل والتصحيح، لا يمكن مثلا أن أخلق بيئة ملاعب لجماهير تمارس أعمالا همجية غوغائية لا تحترم النظام ولا خطط وتعليمات ورجال النظام، نريد أن نعيش الوطنية من خلال ما يمكن أن يقدمه الفرد وبالتالي المجموعة داخل الملاعب وخارجها بما يشعرنا أننا أمام فعلاً أجيال جديدة تتمتع بوعي وحس وطني وغيرة على سمعته ومقدراته وأنظمته، إن الجيل الجديد الذي يقال إنه الجيل الأكثر وعياً واتصالاً بالعالم لم نرَ له أثراً حتى الآن إلا على شكل شتائم وتخريب وإشاعة فوضى وشهودي.. تويتر.. الشارع.. الملاعب.. أماكن الحوادث.. الثمامة.. الكورنيش.. ولكل منكم شهوده أيضا أليس كذلك؟.