|


د. سعود المصيبيح
عن المرء لاتسأل
2012-12-09

من عيون الشعر بيت شعري جميل نسب للشاعر العربي طرفة بن العبد يقول فيه: عن المرء لاتسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي. وهو منهج تربوي مهم ينبغي على أولياء الأمور الأخذ به بدقة بحيث يكون فاحصا عارفا دقيقا بمن هو صديق وقرين لابنه أو بنته أو من هو معني به. وقد جاء في الحديث الشريف أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك وكير الحداد لايعدمك من صاحب المسك إماتشتريه أو تجد ريحه وكير الحداد يحرق بدنك أو ثوبك أو تجد منه ريحا خبيثة).وكثير من حالات الجنوح والسلوك السييء تأتي من القرناء وبالذات في مرحلة المتوسطة والثانوية، حيث يكون الطفل مهيأ نفسيا للخروج من نظام الأسرة وتعليمات الوالدين إلى اتخاذ الأصدقاء والقرناء وتبادل التأثير معهم، ويكونون العالم الجديد له مع بدايات المراهقة والشعور بعلامات البلوغ وحب الاستقلال عن الأسرة، فيكون التأثر بالزملاء والأصدقاء هو المحرك الرئيسي لبناء الشخصية والعلاقات والسلوك بأنواعه المختلفة. وهنا يحرص الوالدان على معرفة من زملاء ابنهما، ويكون التركيز أحيانا على المظاهر وهنا كانت الطامة الكبرى في تجربتنا في الإرهاب، حيث كان التأثير على النشء عن طريق أقرانهم فيكون القرين متقيدا بالمظهر الديني الشكلي بتقصير الثوب وترك اللحية وعدم لبس العقال والحرص على الصلوات وحلقات القرآن والدعوة، ويكون الشاب في آخر المرحلة المتوسطة أو الثانوية أو بداية الجامعة، فيسعد الأب والأم بالتزام ابنهم وتجمع ابنتهم مع الصالحات اللواتي لهن أساليبهن بالتقيد باللباس وسماع الأحاديث والتشدد بتحريم بعض المباحات، فيتم التأثير على النشء وإدخال أفكار الإرهاب والغلو والتشدد والأهالي غافلين متوقعين أن هؤلاء صحبة طيبة، ويكثر الشاب من الذهاب معهم والانعزال في غرفته وملازمة الإنترنت ثم يفاجأ الوالدان بسلوك ابنهم الخطير. ولهذا ينبغي التأكد من القرين وعدم الاعتماد على الشكليات والمظاهر. ومثل ذلك سلوك المخدرات أو غيره، فعلى ولي الأمر معرفة قرناء أبنائه وبناته وتقريبه من الجادين الخلوقين المعتدلين.وقد سألت مدير مدرسة أمضى سنوات طويلة في التعليم عن التأثر بالقرناء فقال: إن هناك طلبة متميزين وجادين تأثروا بطلبة مشاغبين، فتغير سلوكهم وتأثر مستواهم الدراسي والناس في الحياة تجدهم كذلك، فلايمكن أن تجد خلوقاً وحبيباً وكريماً ونبيلاً ومتسامحاً وجاداً مع سييء سلوك وكريه وحقود وبخيل وشكاك وغير محبوب وأناني ومخادع وغامض ومكروه، فاحرصوا على القرناء فإنهم مرآتكم عند الآخرين.