روى لي أحد الزملاء العاملين في أحد البنوك والمسؤول عن حسابات كبار العملاء ممن تتجاوز حساباتهم المئة مليون ريال عن مواقف يتعرض لها ولايجد تفسيرا مقنعا لها.قلت له: مثل ماذا؟ قال: الوحدة التي أجد عليها بعض الأثرياء إذا لم يجلب لهم الثراء القبول لدى الناس بينما يرون العديد من أقاربهم أقل مالا بكثير ومع ذلك يحظون بالتقدير والاحترام والتواصل. قلت وضح أكثر؟ قال: أحد كبار العملاء مثلا أذهب له في البيت بعد موعد لأمور تتعلق بحسابه واستثماراته ويطلب أن يكون الموعد بعد صلاة العشاء، وعند حضوري له في البيت أجده في منزله المناسب حجما ولكن أقل مما يفترض، وقد جلس في خيمة داخل البيت وأمامه شبة الضوء والنار المناسبة لأيام الشتاء التي نعيشها وقد جلس لوحده بكامل زينته ومعه شخصان وافدان من دولة عربية شقيقة وقد ألبسهما ثيابا سعودية وقد بديا بشاربيهما ولحيتيهما المحلوقتين وطريقة لبس الغترة والثوب المضحكتين وكأنهما من المشاركين في الدعايات، حيث يقوم أحدهما بفتح الباب والثاني بصب القهوة.وبعد عدة زيارات والوقت يطول أحيانا معه استغربت أن يكون اسمه وموقعه في السوق ورأس ماله الضخم ومع ذلك يبقى وحيدا بدون أحد يزوره أو يسأل عنه.تجرأت وسألته وقلت: أنت يافلان في منتصف الستين وبصحة جيدة وأعطاك الله الخير الكثير بالاستثمارات العقارية التي رفعت شأنك كثيرا من الناحية المالية، فلماذا لا تفتح منزلك لأقاربك ومحبيك وتعمر هذه الخيمة ولن يكلفك شيئا مطلقا خصوصا أن وقت عملك قليل تقضيه صباحا في مؤسستك؟ ثم أضفت: أويكون لك مساهمات في الجمعيات الخيرية التي تشرف عليها الأمارة وتسهم لخدمة مجتمعك ووطنك ومدينتك. رد بابتسامة سخرية وقال: إن فتحت بيتي ماخلصت من الناس وطلبهم للمساعدات والقروض، أما الجمعيات فأنا أعرف أن حسابي الكبير الذي يحضرك عندي بأمر أكبر مسؤول عندكم في البنك يتأثر إذا أدفع شيئاً بدون مقابل. وخرجت منه وأنا أرثي لحاله وواقعه المحزن، فهو عنده أموال ولكنه محروم من التمتع بها بسبب نظرته القاصرة للحياة.قلت لصاحبي: ماأكثر هؤلاء الذين سيطرت عليهم المادة حتى يتمنى أولادهم وأقرب الناس لهم وفاتهم وهم من يجب أن يؤخذ بأيديهم بطرق مختلفة ومبتكرة من مصلحة الزكاة أو غيرها لتدوير هذا المال حتى لايكون دولة بين الإغنياء، ويفرض عليهم ما يساعد البسطاء والفقراء والأرامل والمحتاجين والمرضى والمساكين والأيتام والمعاقين والعاطلين عن العمل، فكيف السبيل إلى ذلك؟ قال: لوقدر لك أن ترى الحسابات التي أراها لذهلت وصدمت من الواقع الذي نعيشه ولكن لا أقول إلا أن لدينا أهل خير وكرم ونبل لابد أن نشيد بهم، ولكن ندعو لهؤلاء البخلاء بالشفاء وأن يأخذ الله بيدهم ليردوا الدين إلى وطن الأمن والخير والطمأنينة والسلام..آمين يارب العالمين.