|


د. سعود المصيبيح
أين الروح الإدارية
2013-02-07

شاب قريب لي تخرج من جامعة الملك سعود وشاورني إلى أين يتجه فقلت له بما أن تخصصك اقتصاد فعليك أن تتجه للقطاع الخاص وبالذات البنوك وفعلا بدأ قبل ست سنوات وأخذ بنصائحي التي ترتكز على أنه شاب وصغير في السن وإذا أراد أن يكون شيئا مميزا ويريح نفسه وأسرته إذا تزوج وكبرت أسرته وتقدم في السن فعليه بالجد والاجتهاد والانضباط وأن ينام مبكرا ويصحو مبكرا ويأتي للعمل أول الناس ويخرج آخر الناس وأن يطور لغته الإنجليزية وبرامج الحاسب الآلي وأن يكون مطيعا لرؤسائه صبورا جادا حليما أمينا ملتزما بقيم وأخلاقيات العمل وأن يحرص على الدورات وأن يكون حسن التعامل ومبتسما وذو سمعة جيدة مع العملاء وكذلك الزملاء وأن يكون متعاونا يساعد أي زميل في عمله إذا أراد منه شيئا ومتسامحا مع مشاكل العمل وضغوطاته وأن يتخلص تماما من أي التزامات وسهرات وجمعات مع الزملاء عدا الخميس والجمعة وأن يقتصر في علاقاته أيام الأسبوع على ماتحتاجه أسرته الصغيرة إذا تزوج والوالدين والأقارب المقربين بحيث يكون الوقت الزائد أيام الاسبوع لتطوير الذات والتسلية المتزنة وممارسة الرياضة لتحسين لياقتة الصحية والراحة حتى يعد نفسه جيدا للعمل. أما نهاية الأسبوع فيمارس هواياته مع أصدقائه ويستمتع بها حتى يجهز نفسه للعمل.وفعلا التحق بالقطاع الخاص وتقيد بالتعليمات وصبر وتميز حتى أمضى فيه ست سنوات تطور في عمله ولكن كعادة البنوك وقلة الرقابة عليهم وضعف الحوافز والشراسة في الضغط على الشباب وكذلك تحفظات بعض الأقارب على العمل في البنك فتوجه للخدمة المدنية والتحق بوظيفة حكومية في جهة حكومية تعتبر من أفضل الجهات في انضباطية الدوام ولكن اااااه من لكن هذه لان الشاب بدأ بنفس أسلوبه في العمل إنجازا وتميزا وسرعة ودقة في الأداء ولكن صدم من بيئة العمل الحكومية وضياع الوقت في الأحاديث الخارجة عن نطاق العمل وعدم وجود الجدية في الأمر وشاورني فقلت استمر سياتي الفرج بإذن الله. لكن الذي حدث أدهى وأمر إذا أستدعاه رئيسه في العمل وجامله وأثنى على عمله ولكن طلب منه الهدوء والبطء وأنه لا داعي للعجلة وأنه لا لزوم لإنجاز المعاملة في ساعتين أو ثلاث بل أسبوعين او ثلاثة.صدم وتألم ووجد أن الأمر محبط جدا فكان أن تواصل مع روسائه السابقين في البنك الذين شعروا بأهميته وظلوا يبحثون عنه وكان اتصاله في محله حيث قدموا له عرضا مغريا جدا لإدارة أهم وأكبر الفروع في العاصمة وكان بحاجة له ليس بالمميزات الكبرى فيه بل بالعمل وطريقته وأسلوبه حيث سيموت إداريا في القطاع الحكومي لأن بعضها يحتاج إلى تطوير الأداء. تحدث إلى رئيسه الحكومي فوافق وقال خذ إجازة لمدة سنة بدون راتب وجرب نفسك فوافق وهو في قرارة نفسه أنه لن يعود للعمل الحكومي بعد ماشاهده من رتابة وروتين وقلة في الإنجاز والعمل.سألته بعد أشهرفي عمله الجديد فقال لقد وجدت نفسي وجهدي وصبري لم يذهب سدى والبنك عرف قيمتي بعد أن تركته وهناك عروض أخرى جيدة قلت الآن أصبر واعمل وجهز نفسك للمرحلة المقبلة ومهما كانت الإغراءات استمر في عملك لمدة زمنية لا تقل عن سبع سنوات فإن تحسن وضعك وإلا انتقل لبيئة عمل ستدخل فيها مرحلة قيادية مهمة وفقك الله وزادك نجاحا وتميزا.