|


سعد المهدي
الرأي الآخر والحرية
2013-02-07

هناك من يريد أن يجعل من فكره فقط مقياساً للصواب والخطأ، وهذا بالطبع أمر لا يمكن قبوله أو حتى تجاهله ولعل عدم إظهار الرفض بدل المجاملة والمحاسبة بدل التجاهل سبب مهم في تنامي مثل هذه النماذج في أوساطنا الاجتماعية ومن بينها الوسطين الإعلامي والإعلامي الرياضي. هناك من لا يرى أي تنمية أو فعل إيجابي أو حراك رياضي لأنه يرى بشكل خاص به دون أن يهتم أو يفهم أن رأيه خطأ وعلى أحسن تقدير تكون من فهمه المحدود للأمور وله ارتباط وثيق بمصالحه الشخصية. وآخر يريد أن يحكم على المنجزات من خلال ما يتمناه لها لا ما يمكن أن يتحقق على ضوء ما هو مهيأ لها من ظروف، وبالرغم من أنه يعلم النتيجة التي من الطبيعي أن تنتهي له إلا أن رفعه لسقف التوقع هو بقصد التقليل من الإنجاز نفسه وعدم جعله نقطة إيجابية في رصيد الجهة المسؤولة يمكن البناء عليه والانطلاق لما هو أفضل. ففي حالة الأول والتي تعكس ضيق أفق وأنانية حين يقيس قيمة المنجزات العامة بمقدار الاستفادة الشخصية مع تحديد الشكل الذي يجب أن تصل إليه التنمية يمكن لنا أن نتفهم ذلك لو اقتصر الأمر على جعله حديث مجالس أو (مقاهي) وصالونات ومن عامة الناس بغض النظر عن درجة وعيها وإلمامها، لكن أن يصدر من فعاليات لها وزنها واسمها ودورها في بعض مفاصل العمل داخل الوسطين الإعلامي والرياضي فإن الحالة هنا تختلف حتى في درجة استيعاب أن يكون ذلك يقال في إطار المكاشفة بغرض الإصلاح ويكون الأقرب إليه إما خلل في الشخصية أو بحث غير مشروع لكسب الشارع. أما أولئك الذين يرسمون شكلاً افتراضياً لما يجب أن تؤول إليه الأمور سواء لمشاريع ومنشآت أو تنظيمات وهيئات ولجان وربما يصل الأمر إلى افتراض نتائج لمباريات لم تبدأ، كل ذلك في معزل عن الواقع وما يجري ويتم وما خصص له من ميزانيات أو ظروف اجتماعية أو كفاءات لكوادر ومستلزمات وأدوات ووقت، فهؤلاء عادة من فصيلة الذين في كل واد يهيمون، يقولون مالا يفقهون، ويطلقون الأقاويل على فرض أن ذلك صحيح أو يمكن أن يكون صحيحاً أو لماذا لا يكون صحيحاً، وبالتالي يحاصرون العمل والقائمين عليه بالتحديات المستندة إلى الإحراج كسياسة تخاطب وتحليل تؤدي إلى جعل كل ما يقدم غير كاف. إن كشف هؤلاء وتكذيبهم بشكل مباشر ودون مواربة ورد الكرة إلى شباكهم في مناظرات وحوارات يمكن له أولاً أن يخفف من ضررهم ويقلل عددهم ويصحح صورة الرأي الآخر وحرية الرأي والاستقلالية لأن شروطها تنطبق على من يواجه مثل هؤلاء أكثر مما يحاولون الترويج له بأنهم يمثلون الرأي الآخر وحرية الرأي.