في نهاية شهر نوفمبر من العام الماضي 2012 قلت في هذه الزاوية التي عنونتها (نعم النصر يستطيع) إن النصر يستطيع أن يغير حاله إلى الأفضل، فهو يقف على أرضية صلبة من العراقة والتاريخ والجماهيرية، وأنه نادي بطولات وأمجاد، ويحتاج إلى الخروج من عنق زجاجة الضغط وعدم الدفع به دفعاً إلى ساحات الصراع خارج الملعب وتكسير مجاديف ربانه والتقليل من شأن عناصره الذين يحتاجون إلى معرفة قيمة وهيبة النصر. وكانت رسالة موجهة إلى جماهير الشمس وعشاقه لأن الرهان في مثل هذه المواقف لايمكن إلا على قوة حقيقية التأثير وهي الجماهير، ليس لأنها تملك فقط قوة الدعم والمساندة ولكن لأنها أيضاً يمكن أن تشل قدرة الفريق على التماسك والعودة إذا مارست التخذيل وسحبت الثقة، وكانت المطالبة بأن يقفوا ضد كل محاولات إبقائه في المنطقة الرمادية التي يراد له من خصومه أو بعض منتسبيه أن لايغادرها، وذلك بطريقة التصالح مع اللاعبين والنتائج وتخفيف شحنة اللهفة الزائدة والحرص المبالغ فيه على تحقيق الانتصارات والبطولات، وأن تكتفي الجماهير بالاطمئنان على حسن إدارة الفريق إدارياً وفنياً مع وجود العناصر المناسبة، ثم ترك الفرصة لتأخذ هذه الأطراف وقتها بعيداً عن الإلحاح بطلب كل شيء والالتصاق لمعرفة أدق التفاصيل الذي يؤذي النفس ويفقد هذه الأجهزة والعناصر التركيز والثقة والتجريب حتى الوصول إلى تحقيق الهدف. كل بوادر التعافي كانت تظهر في مرات سابقة لكنها تختفي لذات الأسباب، وما يبدو اليوم عطفاً على ما جمعه النصر من خيط لشمسه منذ نهاية الموسم الماضي وما قدم حتى الآن خلال هذا الموسم لا يجعل المتابع إلا أن يلحظ وبوضوح تام أنه تعافى وشمسه بددت ليلاً طال، وأن صباحات الفارس موعودة بانتصارات وغنائم. المدرب الأورجواني كارينيو ليس وحده الذي أعاد النصر إنما هو عنصر مهم من العناصر، إذ لايمكن إغفال نوعية اللاعبين الذين جلبهم النادي من أجانب ومحليين، ولايمكن التقليل من الخبرات التي طعمت الأداء الكلي خلاف دورها خارج الميدان، ولايمكن تجاهل العناصر الشابة التي بدأت تلعب دوراً رئيساً في تتويج العمل الجماعي، كما أن ذلك كله ربما يعتبر مرحلة النقاهة التي أعقبت مراحل علاجية كانت لاتؤدي لنتائج إيجابية، لكنها كانت عاملاً مساعداً في تحديد مواضع الوجع والذي كان لايمكن الوصول إليه مباشرة. النصر وصل إلى نهائي كأس ولي العهد ـ أمس ـ ليواجه منافسه التقليدي حامل اللقب الهلال، وعلى أهمية وقيمة ذلك على كل الأصعدة إلا أن عافية النصر أهم لأن فيها عافية للكرة السعودية، كذلك فهي تعني لجماهيره أنه على مشارف كل بطولة وما لايناله اليوم يستطيع أن يناله غداً وهكذا، وهذا ما تريده وهذا ما يستحقه النصر، وكان يجب على لاعبيه أن يصلوا بالفريق إليه، ولأنه اليوم تحقق فإن استحقاقات أكثر ستكون الإدارة معنية بها وهي تنمية المشاعر وتعزيز الثقة في الاستمرار بالعمل الفني والإداري على الأرض، وعدم العودة إلى أخطاء الماضي مهما كانت الأسباب أو المبررات.