|


سعد المهدي
الهلال والنصر.. عدنا إليكم
2013-02-24

كيف يمكن أن يكون كلامنا مقنعاً، حين نقول إن النصر في يوم النهائي كان منافساً حقيقياً ولو حصل على الكأس لكان مستحقاً وبجدارة. هذا الكلام إذا قيل لا يتناقض مع التأكيد على أن النصر لا يزال يحتاج إلى المزيد من الخطوات التصحيحية، لكن أيّ شيء دون تجاوز حاجز الحصول على بطولة معتبرة لن يجعلني كنصراويٍّ مغرماً بسماع أيّ ثناء أو تأكيد، على أن هناك شيئاً تغيّر، وكان نهائي كأس ولي العهد مناسباً جداً لأن يتحقق ذلك، خاصة وقد قدم الفريق نفسه بأفضل ما يمكن أن يكون عليه فريقٌ كبيرٌ مرّ بظروف بدأ يتعافى منها؛ لكن الفرصة الفريدة أفلتت من بين يديه، وسيكون ذلك صعباً ومربكاً، ما لم يتم العمل على تلافي تداعياته، بل واستثماره كعنصر إضافي لمحفزات عودة البطل الغائب داخل عقل ووجدان لاعب ومشجع النصر. التعاطف مع الفريق النصراوي كان له ما يبرره، لكن مواجهته مع خصمه الهلال الأخيرة ربّما تغيّر كثيراً من طبيعة التعاطف، وتتجه إلى استقبال عودة الفارس المهاب، وبالتالي تبدأ لغة جديدة هي عودة إلى لغة قديمة كانت تقال عن فارس نجد هي منقوشة على سجلات التاريخ لا تحتاج إلى من يتهجاها طويلاً حتى يفهمها.. ولعلّ كلَّ النصراويين توّاقون إلى هذه العودة؛ فقد تعبوا وقوفاً في انتظار الوصول للمشارف التي كانوا يحتلونها أو يقاتلون أقرانهم على تبادل احتلالها مرةً لهم، وأخرى عليهم وهكذا. لكن الهلال الذي لم يعد مجالاً للقول أنه استثناء في عالم البطولات وسجلاتها، لا يمكن قبول تغييب هذه المفازات من الإبداع والقدرة العجيبة في الحضور للقول أن النصر كان من الممكن أن يكون هو البطل؛ لكن ذلك يعني -وربّما هذا أهم ما في الأمر- أنّ النصر سيجعل بعد ذلك كلّ مواجهاتهما مواسم كروية محملة بالتشويق والإثارة والندّية، وكل ما لا يمكن التنبؤ به. الهلاليون كان همهم -أمس الأول- أن يحصلوا على الكأس هذا قد يكون في الاعتقاد البعض منطقي، وهو أيضاً ما يسعى له الفريق المقابل النصر، لكن الحقيقة ليست كذلك بالضبط.. فالهلال يرى أنه هذه المرة يحتاج إلى هذه الكأس لأنها ستحقق له معادلة يحاول البعض إفسادها أو التشكيك في قدرته على صنعها، لكنه حصل على الكأس السادسة على التوالي، وضم النصر إلى سابقيه من الأندية التي واجهها على هذا النهائي، أيّ أنه طوى إمكانية أن يظهر النصر كرقم صعب كسره، ليضيف بذلك ديوناً أخرى عليه في تاريخ مواجهاتهما النهائية ويطل من بوابته من جديد إلى دنيا البطولات.. كذلك فإن الهلال لا يريد أن تتعمق ما يوصف بأنها حفرة فنية وقع فيها هذا الموسم، فيصعب عليه الخروج، لأن الخسارة كانت ستزيد من مصاعبه كثيراً، وستفتح أبواب الجحيم على إدارته وستلحق الأذى بعناصره خاصة الشابة والتي تنمو ويشتد عودها بمثل هذه الانتصارات المزدوجة. نهائي كأس ولي العهد الذي جمع العملاقين الهلال والنصر، كان (تكتيكيّاً) بحتاً، جعل الجماهير تحت ضغط نفسي طوال الـ120، وأدى خلاله لاعبو الفريقين كما لم يؤدوا من قبل حتى مع تفاوت حجم الانضباط؛ ذلك كله كان مشحوناً بالحماس والقتالية أكثر منه مزين بالجمل الكروية الاستعراضية أو السهلة.. وتقاسم نجومية المباراة كثيرون، بعضهم حتى لم يظهر للمتابع العادي، لكنه كان مرجحاً في الناتج الفني العام. الكلّ هنأ نفسه ليس على بطولة ذهب كأسها لمحتكرها، ولكن على عودة أجواء (الديربي) الذي فقدناه لأكثر من عقد من الزمن، وأصبحنا موعودين بتكراره منذ أن عشنا هذا اليوم الكروي الكبير الذي كان شعاره: كورة.. تنافس.. رجولة.. مشاعر أخوية.