تابعت مساجلات المخضرمين ناصر بن جريد وعبدالله المالكي على هذه الصفحة على مدار الأسبوع الماضي حول بعض الوقائع التاريخية وكيف أن المالكي صحح معلومة ابن جريد المغلوطة حول إطلاق اسم العقاب على سعيد مدكور الغامدي بدلاً عن سعيد غراب وتصحيح لنتائج مباراتي الاتحاد والهلال على نهائي كأس ولي العهد 1384هـ والطريقة التي انتهت عليها المباراة بفارق ضربات الزاوية أو بفارق ركلات الترجيح. تذكروا أن ابن جريد والمالكي (أمد الله في عمرهما) يتحدثان عن أحداث وقعت قبل حوالي نصف قرن وفي ظروف توثيقية شبه معدومة مما يصعب من المهمة، وأيضاً يدخل الجدل والخلاف حول صحة الأحداث وسيرها وما دار حولها كذلك يضعف من مصداقية بعضها وهكذا وهو إلا ما ندر ووثق أمر طبيعي لا غضاضة فيه على أحد منهما أو غيرهما. لكن ونحن في عصر ثورة المعلومات والتكنولوجيا والاتصال والإعلام الجديد لا زلنا أيضا في (بصق) وإلا (ما بصق) (اتصل) أو (ما اتصل) كذلك (قال) والا (ما قال) أحضر شهودك، ارفع أصبعك واقسم الأيمان، هذا حدث ويحدث دون أن نستفيد من شيء من هذه المسماة تكنولوجيا ولا تعدد وسائل الاتصال ولا ديجيتال صورة ولا أي شيء، أما السبب فهو لأننا نحن لم نتغير، لا زلنا الغراب وابن جريد والمالكي وابن مناحي وبافرط ونعم في الجميع ما عليك زود إلا تقهوا عندنا الليلة؟ من يستخدم الوسائل الحديثة لا يعني أنه أصبح عصرياً، ومن يتوشح بأدوات التمدن لا يعني أنه أصبح شخصاً متمدناً، ومن يروج أننا الآن في عصر التقنية والحداثة لا زال يضع غترته على كتفه وهو أقرب للدورباوية ممن يستخدم أو يستحق أن يستخدم التقنية.. التقنية التي ترصد وتنور وتفصل في القضايا وتفرض الانضباط وتحقق العدالة والمساواة وتفصل بين الكذابين الأفاقين والصادقين العفيفين. لو كان عالم التقنية وفضاءات النت وتغريدات تويتر نقلة حضارية لما قبل 90% ومن يعيشون في فضاءاته ويستغلونه ليزوروا الحقائق ويضللوا البشر ويرسموا لأنفسهم صور زعامات وقادة فكر ومجتمع وهم لولا ذلك لعاشوا كما كانوا يدوب أسماء نشاز في هذا العالم. بعد 50 عاماً تصوروا ماذا يمكن لشيبان المستقبل أن يستشهدوا به ويجعلوه وثيقة على قضية وحدث؟ هل من تغريدة مفتري كذاب أم من صفحة فيس بوك لشخص يعتقد أنه محور العالم أم لمقطع يوتيوب لشلة من الصبيان استباحوا كل شيء دون أن يملكوا أدنى معرفة فيما يتحدثون فيه إلا ما يرضي الرعاع ويضحك الفساق الحقاد؟.