في كثير من المناسبات الاجتماعية يأتي الحرج الكبير الذي يجده المنظمون ومسؤولو العلاقات العامة والمراسم مع ضيوف الحفل وقضية أين يجلس أي ضيف، لأن الكثيرين يريدون الصف الأول، وكل شخص فيهم يرى نفسه مهماً دون اعتبار للترتيبات البروتوكولية التي تنظم مثل هذه الأمور. وكموظف عمل سنوات طويلة في مجال العلاقات العامة والمراسم واجهت الكثير من المواقف من البعض الذي يرى أهميته ومكانته وهو لم يبلغ المكانة التي تؤهله للجلوس في الصف الأول. فيخاتل المنظمين ويجلس بدون تنظيم رغبة في أن يكون في الواجهة على حساب من هو أقدر وأفضل وأحق بالمكان الذي يجلس فيه. ويأتي سؤال عن كيفية ترتيب مثل هذه الأمور وتكون الإجابة حاضرة ومرتبطة بالمركز الاجتماعي والمنصب الرسمي والعلم الديني والموهبة العلمية أو الفكرية أو الثقافية أو الأكاديمة ويأتي بالأخير الوضع المالي الذي لا يمثل لدى المنظمين أي قيمة إلا إذا ارتبط برئاسة عمل تنظيمي كالغرف التجارية وجمعيات النفع العام .لهذا يأتي السؤال المهم لماذا يتسابق أصحاب عقدة النقص للصف الأول وهم أقل قيمة ومكانة من المستحقين فعلا لهذا الصف، بل إن بعض العلية من القوم ينظرون لهذا الأمر كأمر تافه غير مهم فيدخل ويجلس حيث ما انتهى به الصف خصوصا عندما يعمل في هذا المجال الأقل دراية ومعرفة بالناس وإنسان لا يطلع على الصحف أو وسائل الإعلام ولا يعرف الشخصيات البارزة في المجتمع ومحدود الثقافة أو يكون عمله في المراسم بالمحسوبية والمعرفة والواسطة فيكون جاهلا أخرق لا يقدر الناس ولا يعرف مقاماتهم فيكون الخطأ والملامة على من وظفه في مجال غير مجاله ولهذا يكتشف المسؤول الأكثر معرفة بوجود شخصيات مهمة عرفت بالتواضع والبساطة والنبل يجلسون في صفوف متأخرة فيضطرون للطلب منهم التقدم للصف الأول المزدحم بأصحاب العقد فيكون الإحراج إما بالحزم في الطلب منه بمغادرة الصف الأول أو بإحضار مقاعد إضافية توضع كيفما اتفق ليكون من يستحق الصف الأول في المكانة التي يفترض أن يكون بها. ويبقى السؤال قائماً لماذا هذه المظهرية التي نراها في حياتنا والمبالغة في إبراز النفس بشكل نهى عنه الإسلام عن الكبر والتفاخر والتعالي. فهناك التسابق على مقاعد الدرجة الأولى، وهناك التسابق على المكاتب التنفيذية والسفر عبر صالة كبار الشخصيات بينما رأيت أناساً متصالحين مع ذواتهم وواثقين بأنفسهم وبلغوا مناصب عليا مثل الشيخ العالم صالح الحصين (رحمه الله) ويركبون الدرجة السياحية وسيارة الأجرة ويفترشون الأرض في الحج كنوع من ترويض النفس على التواضع والبساطة والإحساس بالآخرين.