قبل سنوات خنق طالب زميلا له في مدينة الطائف من أجل نتيجة مباراة بين الاتحاد والأهلي، ولولا لطف الله ورحمته لمات الأول، لكن الثاني أيضا لم يسلم من العقوبة، ففصل، وسجن ، وأهين ، وذاق عاقبة ما فعل، ولم ينفعه الفريق الذي ثار من أجله، ولم يسأل عنه أحد. وفي مدينة جدة صدم مشجع سيارة مشجع آخر عمدا لأنه استفزه بشعار ناديه، فألزمته شركة التأمين بإصلاح التلفيات، وشكاه المتضرر للقضاء لأنه كاد أن يزهق روحه، فحكم عليه بالسجن والجلد، فتوسط أشقاؤه بعضو شرف من باب الشفاعة فاعتذر عن الدخول في القضية بحجة أن هناك خطأ فادحاً وشخصاً متضرراً ولا علاقة للرياضة والتنافس بين الأندية بمثل هذه التصرفات الرعناء. ونقلت القناة الرياضية أيضا هذا الموسم تسعة مشاهد مختلفة للاعبين وإداريين ومشجعين يبكون من أجل كرة في مواقف سيئة جدا، ومخجلة ، فقد نسي هؤلاء المتباكين أن العين التي لاتمسها النار هي التي تبكي من خشية الله أو تحرس في سبيله، وليست تلك التي تتألم من أجل كرة. وهذه (اﻷشكال) المفتونة بكرة القدم إلى هذا الحد من اللاوعي والحماقة لديها اعتلالات في التفكير، واعتلالات مماثلة في الثبات الانفعالي، وتستحق أهلية العلاج في العيادات النفسية. ومن يرى نفسه أنه من الممكن أن يصل به دفاعه عن فريقه إلى هذا المستوى من الرعونة، عليه أن يذهب إلى الطبيب ولا يتردد قبل أن يصبح مجنونا في لحظة ما. فالأندية مهما بلغت حدة التنافس بينها تظل في معزل قانوني وإداري عن أي تصرفات من هذا النوع الجنوني، ولايمكن لها بأي حال من اﻷحوال أن تدافع عن متهور فقد عقله أو ذرف الدموع من أجل كرة أكثر مما ذرفها من خشية الله أو على فقدان عزيز لديه. وكل مشجع وعضو شرف هو طبيب نفسه بعد الآن، فإذا كان من هذا النوع عليه أن يلحق بما بقي من دماغه، وإلا سيكون في خبر كان مع أي جدلية يخوضها حول فريقه، فبعض محبي كرة القدم فقدوا انضباطهم الذهني واللفظي وحملوا الرياضة أكثر مما تحتمل، وتحولوا إلى طرمبات هواء، لكنه هواء فاسد.