ازدادت درجة التضخم عند البعض في أنهم يعرفون كل شيء، وإن لاشيء يعلو على صوت قدراتهم وإمكانياتهم، وأنهم فوق النقد وفوق أي مجال للإشارة لأعمالهم وأنشطتهم سوى الحديث عن الإنجازات والمديح والثناء الممجوج. وعندها تزداد درجة التضخم وحب الذات والتعالي والغرور حتى تأتي الفاجعة والضربة القاتلة والمفاجأة الأليمة فتغرق السفينة وتهوي إلى أسفل قاعات المحيط .وهذه المقدمة تنطبق على كل عمل للإنسان سواء كان خاصا أو عاما.وخرج صديق لي من تجربة قاسية حينما واصل نجاحات تجارية كبيرة وحقق أموالا وأرباحا طائلة .فشعر بالعظمة والقوة وعمق الذكاء في التخطيط والإعجاب بقدراته وملكاته الشخصية .وبدأ يحيط نفسه بالمداحين والوصوليين الذين لايقولون له (لا) ويكتفون بالتبجيل والمبالغة بالثناء وبأفكاره ونجاحاته وصفقاته التجارية.وبدا يضيق ذرعا بالصادقين المجربين المخلصين في شركته ونصائحهم ورؤاهم حتى تقلصوا وابتعدوا في حين برز المخادعون والنفعيون حتى أحكموا السيطرة عليه ويزيدون من درجة المديح والثناء على أفكاره ويعطونه الانطباع تلو الانطباع عن نجاح أعماله وزيادة أرباحه وانتشار أنشطته.وفجأة وجد أن أموره التجارية تتجه إلى التدهور وأن الحقيقة أن أفكاره وآراءه ظهرت أخطاؤها وقصورها وأن ماكان يقوله المخلصون هو الصحيح .وبدأ يدرك كذب وخداع المحيطين الوصوليين ولكن ذلك حدث بعد فوات الأوان وبعد أن خسر تجارته وأصبح تحت رحمة البنوك ومطالباتها الأمر الذي يعني بيع أصوله وممتلكاته والتعرض للسجن حتى يدفع ماعليه .قلت لصديق مشترك هذه نتيجة الادعاء بالمعرفة وتضخم الذات وعدم سماع الآراء الصريحة المخلصة .وحتى وإن اكتشف الحقيقة فإنه اكتشاف متأخر لايفيده مطلقا ودرسنا الذي نتعلمه هوأن المطلوب في أعمالنا وحياتنا هو التواضع والتشاور وحسن الظن وتقبل النقد على طريقة أمير المؤمنين الفاروق عمر رضي الله عنه (رحم الله امرأ أهدى إلينا عيوبنا).