النصر .. النصر .. النصر .. أكثر كلمة ترددت على ألسنة السعوديين خلال الأسابيع القليلة الماضية، ربما لا تنافسها على الصدارة سوى كلمة "الصدارة". وجد النصر لنفسه ـ هذا الموسم ـ مكاناً مرموقاً على خارطة الكرة السعودية؛ ولا يستطيع أحد أن يأخذ هذا من النصر. لم يعد النصر تاريخاً فقط، بل أصبح واقعاً تلمسه أيدي النصراويين. صحيح أنه لم يحقق بطولة حتى الآن ولكنه ـ دون شك ـ يملك مقومات البطل. ما فعله النصر حتى الجولة التاسعة من الدوري يدعو للفخر. لم يخسر، رغم أنه قابل فرقاً كان يخسر أمامها. لم يسُجل في مرماه سوى ثلاثة أهداف. يملك مدربا رائعا بمعنى الكلمة. لدى النصر مجموعة متكاملة من اللاعبين لم يمتلك مثلهم من عشرات السنين. أستغرب ألا يكون كل نصراوي ـ مهما كانت سوداويته ـ فخورا بما حققه النصر حتى اللحظة. خسر الصدارة أم لم يخسرها هذا لا يغير في حقيقة أن الفريق يقدم موسماً استثنائياً. عمل الأمير فيصل بن تركي بجد خلال السنوات التي تولى فيها قيادة النادي ولكن عمله لم يكن واضحاً، لأن النتائج كانت تخذله. تعلم كثيرا من الإخفاقات السابقة إلى أن وصل لدرجة عالية من النضج. لن أتحدث عن انعكاس هذا النضج على الفريق فهذا واضح. ولكن ما أثار إعجابي وبهرني هو التحول الواضح في الخطاب الإعلامي لرئيس النصر. فهذا الموسم لم يدخل الأمير فيصل في خلافات ممتدة مع أي طرف. كانت تعليقاته وآراؤه تتمحور حول فريقه دون الدخول في مشاكل جانبية يمكن أن تكدر المسار الصاعد للفريق. تعامل الأمير فيصل بحذر مع كثير من القضايا التي كان النصر طرفاً فيها. فلم يعلق على عدم إشراك أي لاعب نصراوي في مباراة المنتخب السعودي مع العراق؛ وتجاوز عدم ضم عبد لله العنزي للمنتخب بذكاء شديد. حتى التحكيم وأخطاء التحكيم التي كانت ولعقود "لزمة" نصراوية تخلص منها، بل إنه تجاوزها بمراحل، وامتدح الحكم السعودي وجدد الثقة فيه. على الجماهير النصراوية أن تعطي هذا الرجل حقه ليس فقط لأنه صرف من جيبه كثيرا، ولكن لأنه يؤسس لنصر عصري. فالنصر الذي أشاهده اليوم لا يشبه أي نصر مضى. النصر الجديد مختلف فكرياً وفنياً. النصر الجديد أكثر هدوءا وثقة في النفس. نصر اليوم يعلب كرة جماعية رائعة لا تتأثر بالغيابات، لأنه لا يعتمد على لاعب أو لاعبين إذا ذهبا ذهبت ريحه. فالنصر قدم أمام الفيصلي واحدة من أجمل مبارياته هذا الموسم رغم غياب أربعة من نجوم الفريق. نصر جديد أشرق في سماء الكرة السعودية بفضل ربان يتقد حماساً وشباباً. على النصراويين ـ جماهير ولاعبين وأعضاء شرف ـ أن يساعدوا رئيسهم على النجاح؛ فمن الصعب أن تجد رجلا راغباً في النجاح وقادرا عليه أيضا.