حين كنت أدرس الدكتوراه في لندن استثمرت تلك الفرصة لرؤية العالم في عاصمة العالم، حيث رأيت الرؤساء والعظماء والنجوم على الطبيعة ناهيك عن مشاهدتهم في متحف الشمع الشهير “مدام توسو”، وفي التاريخ الحديث شخصيات تستحق أن نقف لها احتراماً لخدمتها للبشرية، ولذلك خرجت ذلك اليوم البارد من شقتي وتوجهت حيث سأشاهد أحد أعظم رجال العالم، وتأكدت من عظمته حين حال الزحام دون وصولي للمكان فالجموع تريد أن تشاهد “ماديبا”.
“ماديبا” هو اسم الشهرة لأشهر سجين في التاريخ الحديث، فقد كان يقوم قبل ذلك بتعليم المضطهدين بحقوقهم ويقود مسيرات سلمية ضد التمييز العنصري، فاعتقل ودخل السجن سبعة وعشرين عاماً كان خلالها يواصل عمله ونضاله بالكتابة، حتى تحرك العالم أجمع بالضغط على السجّان فخرج “ماديبا” مرفوع الرأس حاصلاً على كل الحقوق المدنية له ولمن كان يناضل من أجلهم فانتخبوه رئيساً لهم فلم يستخدم سلطته للثأر من الظالمين، بل أسس دولته على أسس العدل والمساواة فنهضت وتطورت وأصبحت قبلة للعالم للسياحة والرياضة فتشرفت برؤيته عن قرب في كأس العالم.
ولعشاق الرياضة والأفلام أنصح بمشاهدة فيلم “Invictus” الذي يحكي القصة الحقيقية لرؤية “ماديبا” لأهمية الرياضة في توحيد الشعوب، حين استدعى كابتن منتخب الرقبي وطالبه بالفوز بكأس العالم الذي تحتضنه الدولة، فكانت ملحمة رياضية غيّرت الحياة بشكل دراماتيكي لم يشهد له التاريخ مثيلاً، فكانت قصة ملهمة لشعوب الأرض لتؤكد قدرة الرياضة في التأثير الإيجابي على الشعوب من خلال نبذ التعصب واستخدام الرياضة منصة للتطوع، فكان من العجيب أن يرحل “ماديبا” رائد التطوع في اليوم العالمي للتطوع فأصبح يوماً حزيناً بوفاة “نيلسون مانديلا” الذي يسميه أحبابه “ماديبا”.
تغريدة tweet:
العمل التطوعي إرث كبير لم يدركه الكثير من الناس ويُعد نشاطاً أساسياً في أي مجتمع متقدم أو يسعى إلى التقدم، كما يتيح للأشخاص أن يكونوا على اتصال بالمعارف الضرورية من خلال المشاركة في مناسبات وبرامج معينة، ولعل أمل الشباب الخليجي كبير في استثمار الفعاليات الرياضية التي تحتضنها المدن الخليجية لتكون منصة للعمل التطوعي الذي يمكنهم من خدمة مجتمعاتهم، وأملي أكبر بتغيير ثقافة العمل التطوعي ليكون ارثاً مستداماً تحتضنه مشروعات متنوعة ونافعة للأوطان .. وعلى منصات التطوع نلتقي...