لم ينس أبداً أول مباراة حضرها في الملعب مع والده .. لحسن حظه فاز الاتحاد وحقق بطولة كأس ولي العهد على حساب الطائي قبل أكثر من ستة عشر عاما. لم يفوت مباراة واحدة منذ عرف طريق الملعب. اليوم يذهب حاملا على كتفه ابنه الصغير الذي يلبس "فنيلة" نور. ويردد مع جماهير الاتحاد " ياكلك حبة حبة (ياكلك) أكل البرشومي". لم يخطر بباله، ولو للحظة، أن الاتحاد هو الذي كان يؤكل من الداخل أكل البرشومي.
تحول الاتحاد ـ ما بين ليلة وضحاها ـ من رابع أندية العالم لفريق يفرح بالتعادل مع الضيف الجديد على الدوري الممتاز. آآآآآه من تقلبات الزمان. جماهير الاتحاد المتيمة بفريقها ما زالت صابرة. لو كان جمهور الاتحاد جبلا لخر من عاليه للساس. من أين جاءوا بهذا الصبر؟ وكيف تحملت عيونهم رؤية سعود كريري ونايف هزازي وهما يغادران؟ وكيف تحملت قلوبهم ألم مشاهدة محمد نور وهو يخلع قميص الاتحاد؟ وماذا يفعل كل الأطفال الذين يلبسون فنيلة نور؟
لست من هواة القصص البوليسية، ولكني لم أستطع التوقف قبل أن أنهي قراءة التقرير الخطير الذي نشرته صحيفة "الرياضية" الأسبوع الماضي بعنوان: " الاتحاد في سنوات الضياع". لم أقرأ من قبل في صحافتنا المحلية تقريراً بجرأة ذلك التقرير الذي أعتبره قفزة عالية اخترقت كل الحواجز .. أجزم أنه سيساهم في رفع سقف حرية الصحافة في المملكة. بعد هذا التقرير لن يقول أحد: "كلام جرايد".
ناقش التقرير بالتفاصيل الدقيقة الأساليب الجهنمية التي كان يمارسها أبناء الاتحاد مع ناديهم إلى أن أوصلوه لهذه المرحلة من الوهن والشيخوخة المبكرة. كل محب لكرة القدم يؤلمه ما يحدث للاتحاد من تدهور فني وديون ثقيلة لا تطيق حملها الجبال.
رغم ألمنا الشديد فنحن متحمسون لمعرفة النتائج التي ستتوصل لها لجنة التحقيق في الوضع المالي للنادي. أتمنى من كل قلبي أن يلقى المتسبب في أزمة الاتحاد جزاءه الرادع، وألا يُغلق ملف التحقيق دون قرارات صارمة، لأن ما حصل للاتحاد ليس خللا إداريا يمكن تجاوزه. أتمنى ولو لمرة واحدة، أن يدفع "الفهلوي" ثمن فهلوته واستغفاله لخلق الله. اُبتلي المجتمع السعودي بنوع من البشرـ الذئاب الذين يعتقدون أنهم قادرون على تجاوز كل الخطوط الحمراء دون أن يطالهم العقاب، ربما يتغير الحال هذا المرة .. ربما.
قبل أمشي:
أطلق شباب مبدعون من جدة حملة اجتماعية تحت اسم: "يلا نتغير"، هدفها الأساسي هو تغيير نمط حياة الشاب السعودي بشكل إيجابي يجعله أكثر تفاعلا مع مجتمعه. ركزت الحملة على تغيير الأفكار والسلوكيات والتصرفات السلبية عند الشاب وتحويله لعنصر مساعد في نجاح وازدهار وتطور مجتمعه وليس سبباً من أسباب تأخره. يشرفني الانضمام لهذه الحملة الرائعة، وأقدم الشكر لخالد زكي وعبدالرحمن التيماني ورفاقهما على الجهود التي يبذلونها، أرجو أن يساهم ما يقدمونه في تحسين صورة الشاب السعودي التي تفنن في تشويهها "الدرباوية"، و"المفحطون"، و"المتحرشون"، و"أسود الشوارع".