جاءوا يحملون التسعين دقيقة على ظهورهم .. جاءوا لتتويج البطل. جاءوا من كل مكان .. من الكويت وقطر .. من عرعر، وحفر الباطن .. من الجنوب، والشمال . تبرعت لهم سيدة كويتية بتذاكر لحضور الزفة. كل شيء اصفر .. والعرس في موعده .. لا تغييرات تذكر. لم يتوقعوا أن تتحول الزفة لمأتم. لم أشاهد عريسا يُضرب في ليلة زفافه من قبل.
ليست مباراة عادية على الإطلاق .. ستتحول لإحدى كلاسيكيات الكرة السعودية. جاء النصراويون للاحتفال بالبطولة فخرجوا بهزيمة تاريخية. أفسدت تلك المباراة كل خططهم للاحتفال بعد المباراة. خربت كل الأرقام القياسية التي كانوا ينوون تحطيمها. لم يتحطم تلك الليلة سوى قلوب النصراويين.
كيف انهار النصر بهذه السهولة؟
كيف تحول عمر هوساوي لمهاجم هلالي؟
كيف تحول عبدالغني لممر؟
أين اختفى نور، وغالب، وبقية النجوم؟
لم يظهر في النصر سوى شايع شرحيلي. لا .. لا .. للأمانة .. ظهر أيضا عبدالله العنزي، وهو يتفرج على الأهداف الهلالية. أما الغائب الأكبر فكان مدرب الفريق كارينيو. جلس بعد الهدف الهلالي الثاني (يطقطق أصابعه). لم يستوعب المباراة .. لم يتخيل أن فريقه بهذه الهشاشة. لم يستطع تحمل حرارة المواجهة فهجم على الحكم. طرده الحكم فأنهى المباراة متفرجاً كما بدأها متفرجاً. أتفهم سبب غضبه .. توقع أن يكون الهلال صيداً سهلا، توقع الفوز عليه كما فعل قبل عشرين يوماً عندما خطف كأس الهلال من الهلال. ولكن الهلال تغير .. كل شيء في الهلال تغير. سامي الجابر لم يكن سامي الجابر. كان رجل المباراة الأول بكل اقتدار. استحق النجومية والبنتلي. اعتقدت أنها مباراته الأخيرة مع الأزرق، ولكنها كانت الأولى. إنها البداية الحقيقية لسامي مع الهلال. هذا هو سامي الذي نعرفه .. لا يسقط إلا ويقف بسرعة الريح. كيف تفعل ذلك يا رجل .. قل لنا كيف؟
كشف أنهم لا يعرفون سوى خط عبدالغني ـ السهلاوي السريع. فرغ ياسر الشهراني لكل الكرات الساقطة خلف قلبي الدفاع فضاع النصر. أما ياسر الآخر فكان المبادر بضرب النصر. لم يلعب القحطاني بهذا المستوى منذ سنوات. ولكنه اختار المباراة المناسبة للرجوع. فاستحق قبلة على الرأس من الكوتش.
طرُد نجم المباراة (الفرج) فعادت أهازيج الزفة للمدرج الأصفر، ولكن الموضوع لم يستغرق سوى ثلاث دقائق مع ناصر ليقضي على كل مظاهر الفرح. ثم جاء نيفيز بالضربة القاضية ليؤكد أن الهلال قادر على الفوز بالأربعة حتى لو بعشرة .. وليؤكد للنصراويين أن الزفة قد ألغيت بقرار هلالي.
رموا التسعين دقيقة التي جاءوا بها من بلاد بعيدة، وحملوا أطفالهم على رؤوسهم ورحلوا مع الدقيقة سبعين. ما أعجبكم .. صبرتم على فريقكم عشرين عاماً ولا تستطيعون الصبر عشرين دقيقة.