في ظل غياب الرقابة على ما يطرح في الإعلام وبالأخص في الإعلام الرياضي من قضايا مفبركة، ومن جعل الحبة قبة، وتفسير الأخبار وتحويلها عن مسارها في كثير من الأحوال حتى جعلت كثيرا من أطروحاتها مدخلاً للاحتقان والعنصرية ومثارا للشك حتى تم تقسيم شبابنا وللأسف الشديد بين هذا نصرواي وهذا هلالي والآخر اتحادي وفلان أهلاوي، بل لم يعد المجلس يليق بمن هم لا يجتمعون على لون فريق واحد في مكان واحد، وفي ظل هذا وحتى لا يستفحل الأمر ولأن الإعلام الرياضي فتح بابه لمن هم ليسوا متخصصين في المجال بل بحثوا على الشهرة فوجدوها في الإعلام الرياضي ولأن مهنة الإعلام بشكل عام والرياضي بشكل خاص ـ بلا شكّ ـ رسالة رفيعة الشأن عالية المنزلة تحظى باهتمام الجميع، لما لها من تأثير عظيم في حاضر شباب الأمة ومستقبلها، ويتجلى سموّ هذه المهنة ورفعتها في مضمونها الأخلاقي الذي يحدد مسارها المسلكي، ونتائجها وعائدها على الفرد والمجتمع. وبديهي أن تستمدّ الأمم والمجتمعات أخلاقيات المهنة مما تمتلك من قيم ومقوّمات. ونحن بفضل من الله ورضوانه نستمد أخلاقيات المهنة من عقيدتنا الإسلامية المقررة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، فرسول الله صلى الله عليه وسلم هو قدوتنا ومعلمنا (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ... الآية).
إن إيجاد ميثاق للإعلام يتضمن مجمل ما يشعر به كُل إعلامي مخلص لمهنته أنه يتعين عليه مراعاته في أدائه لواجبه، وقيامه بعمله قِبل أبنائه وطنه وزملائه العاملين في الميدان الرياضي وقِبل الوطن بوجه عام والأمة التي ينتمي إليها بوجه أعم والإنسانية جمعاء، فالإعلامي الناجح يأسر قلوب متابعيه بلطفه، وحسن ألفاظه وما تخط يده وقلمه وينال إعجابهم واحترامهم بتمكّنه من مهنته التي يؤديها، وببراعة إيصالها لهم.
والإعلامي المحب لعمله يخلص له، ويجد المتعة فيه، وتهون عليه المصاعب؛ والمتابع الرياضي يحب كاتبه ويحترمه لما يجد فيه من قدوة حسنة فلينظر الكاتب المتميز الصادق كيف يدخل إلى قلوب متابعيه ليؤدي المسؤولية العظيمة الملقاة على عاتقه. ومعلوم أن فاقد الشيء لا يعطيه، فالجاهل لا يستطيع أن ينفع بعلم والضعيف لا يقدر أن يعين بقوة، وأنى للإعلام الرياضي أن ينهض بالمتلقي، إذا لم يكن رصيده من القوة في العلم والأمانة والخلق ما يسع المتابعين له؟
ومن المؤكد أننا ندرك وجود الأخلاقيات في صلب مضمون المهنة الإعلامية فالممارسة التطبيقية ميدانياً لا تزال في صميم وجدان الكثير من القائمين عليها، وما كان الميثاق إلا ليؤكد ما يأتي:
ـ تحرير مهنة الإعلام والإعلام الرياضي خاصة وهو أكثر الإعلام غير المراقب من بعض السلوكيات والممارسات الخاطئة ومساعدة القائمين على المهنة والممارسين لها على التعامل بفهم راسخٍ ووعي عميق مع سمو هذه الرسالة وواجباتها.
ولعل وزارة الثقافة والإعلام أن تدرك ضرورة أن يخضع الإعلاميون جميعاً إلى معايير وأطر تحفظ للمهنة سمعتها وهيبتها وتعيد للإعلام الرياضي مكانته وإن أهم المعايير الضرورية لتجسيم أية مهنة مكتملة ناضجة تستوعب قضايا العصر ومتغيراته تتركز حول التزام مهني تتضح فيه الحقوق والواجبات وتحدد للمهني أنماط سلوكية يلتزم بها الجميع. ويعينه على عدم التخبط في عمله، ويدفعه إلى التحليق في فضاءات الابتكار والإبداع.
ويساعده في أداء مهمته ليكون قادراً على تحمل الأعباء الجسام الملقاة على عاتقة في هذا العصر (عصر تدفق المعلومات) الذي يتطلب إعلامياً مسؤولاً يبادر دوماً ويتدخل بصورة ذكية لإعادة النزاهة في معاملتهم ويتحلى بالفضيلة ويتحمل المسؤولية، متخذاً من ضميره رقيباً ومن ربي حسيباً.