الأخطاء التحكيمية لا يمكن إيقافها، لكن يجب أن تكون أقل حتى يخف حجم الضرر الذي يمكن أن يصيب المتنافسين، ولا أعتقد أن هناك أي مباراة في تاريخ البشرية سلمت من قرار خاطئ يرتكبه الحكم في أي لعبة رياضية ولندع جانباً الفصل تحكيمياً أو قضائياً في الأمور الحياتية الأخرى التي يبدو أنها غير بعيدة أيضاً عن ذلك.
في مونديال البرازيل المقام حالياً كانت هناك قرارات تحكيمية خاطئة وهي على امتداد تاريخ كأس العالم موجودة وتصل حد الجور والظلم في مرات من بينها أهداف صحيحة لم تحتسب وقرارات إدارية غير صحيحة وتقديرات لضربات جزاء وحالات إنذار وطرد جميعها غيّرت مجرى منافسات ومنحت بطولات وحرمت آخرين منها.
كلما كانت هناك منافسات على مستوى دولي أو قاري يحاول البعض عقد مقارنات بين أداء الحكام الذين يقودون هذه المباريات والحكام السعوديين الذين يديرون منافساتنا المحلية، كذلك فإن هذه المقارنات تحدث حتى حين يقود طاقم غير سعودي إحدى المباريات المحلية والغرض من هذه المقارنات مع الأسف دائماً يكون مهتماً بالتأكيد على أنه حتى غيرنا يرتكبون الأخطاء وعليكم تقبل ما يبدر من حكامنا وأن تتحملوهم بكل ما فيهم.
ولأن أخطاء الحكام في كل مكان وزمان ولأن الحكم السعودي كغيره، كما أن له نجاحات محلية وأيضاً حين يشارك في إدارة المباريات خارج الحدود فإن أول ما يجب الاهتمام به هو ليس عدد الأخطاء أو حجم الضرر بقدر ما يجب أن تكون البداية بالتأكد من تأهيل الحكم بدنياً ونفسياً وذهنياً مع عدم إغفال أن أي عمل بشري في الغالب تصنع الموهبة فيه دور الأساس الذي يبنى عليه بقية المواصفات ويمكن تصحيح أخطائه وتطويره.
من يعمل في مجال التحكيم يجب أن يكون موهوباً له اهتمامات في هذا المجال وعلى إطلاع معرفي وتطبيقي بكل ما يخص المهنة تاريخها ومراحل تطورها وأبرز رجالها في كل مكان من العالم وأن يتمتع بالحس التنافسي للعبة من خلال تجربة رياضية تنافسية على مستوى عال وقوام بدني مميز حتى وليس مناسباً، وفهم تحليلي للقانون وليس حفظه وقدرات ذهنية (نباهة) وفطنة وذكاء وحالة نفسية مستقرة وسوية بمثل هذه المواصفات وما هو أكثر منها يمكن أن نبدأ مع مسيرة حكم يقود تنافساً تحت ضغط جماهيري وإعلامي ووسوسة نفس وضغوطات أطراف تنافس لا هم لها إلا أن تنتصر.
أخطاء الحكام الموهوبين الذين يتمتعون بالبناء النفسي والذهني والبدني والمهاري وفهم مقاصد القانون المنظم للعبة تختلف عن أخطاء الحكام المهزوزين أو المهزومين من الداخل أو الذين مازالوا غير مصدقين أنهم يجرون على العشب وسط النجوم ووسط الحشود الجماهيرية وهؤلاء هم غالبية من يديرون مبارياتنا المحلية.