في وداع رمضان مزيج مختلف من المشاعر المتناقضة، بين الحزن على رحيل شهر فضيل، والفرح بقدوم العيد، لكنني أشعر بالحزن أكثرَ من الفرح على غير طبيعتي المتفائلة، وابتسامتي الدائمة؛ فرحيل رمضان يرتبط بمشاعر وذكريات مؤلمة لا يكفي المقال لسردها، ولكن طالما الحديث عن الرحيل ففي هذا الشهر (بالتاريخ الهجري أو الميلادي) كانت ذكرى رحيل رموز غادرت هذه الحياة الدنيا، بعد أن تركت فيها أثراً لا يغيب ولن تمحوه السنين، أختار منهم ثلاثة:
الشيخ زايد "حكيم العرب" رحل قبل عشر سنوات ولا زلنا نستشهد بحكمته في القضايا الشائكة التي تحتاج اللين والصبر وطول البال، بل إن عباراته البسيطة تصيب كبد الحقيقة وتختصر المسافات وتقرّب وجهات النظرالبعيدة، وأتذكر حين قال للرئيس المصري أيام خلاف عربي: "نحن نحبكم وأنتم تحبوننا فأين المشكلة ؟ " ولازال أبناء الخليج يتذكرون مقولته الشهيرة: "كيف ينام الحاكم وفي الوطن الغني مواطن لا يملك مسكناً"، رحمك الله يا زايد الخير.
غازي القصيبي "زعيم الإداريين" رحل قبل أربع سنوات ولم تعرف السعودية أفضل منه أو مثله.. وزيراً، أو سفيراً، أو شاعراً، أو أديباً، أو روائياً، أو كاتباً، أو.. أو.. أو..، رجل بألف يملك طاقات وصفات تجعلني أختاره مثلي الأعلى الذي أتمنى أن ينعم الوطن بالكثير من أمثاله، مع استحالة هذه الأمنية؛ فالعظماء تزداد ندرتهم بازدياد عظمتهم، رحمك الله أبا يارا.
عبدالرحمن بن سعيد "شيخ الرياضيين" رحل قبل ثلاث سنوات بعد أن وضع حجر الأساس وساهم في تأسيس أهم الأندية السعودية، فرغم تعصبه للهلال إلا أنه مؤسس الشباب، ومساهم في تأسيس النصر والأهلي وغيرهما.. في وقت كانت الرياضة من الممنوعات، ولذلك سنذكره مع كل مجد رياضي، ومع كل فرحة إنجاز، رحمك الله أبا مساعد.
تغريدة tweet:
على الصعيد الشخصي العائلي أتذكر الراحلة "هديل" بنت أختي حيث كنا نفطر ذات رمضان فأصابتها نوبة قلبية، فحملت جسدها النحيل، وأسرعت بها للمستشفى؛ فأختارها الله لجواره بعد أن امتحن بإعاقتها الكاملة صبر أمها وأبيها، اللذين أُشهد الله أنهما بذلا كل ما في وسعهما لعلاجها وخدمتها. رحلت نقيّة ووجهها الطاهر النقي حاضر بيننا، وستستمر أختي الصابرة تفتخر بها وتحب أن نسميها "أم هديل"، وعلى منصات ذكرى الراحلين نلتقي،،،