ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
ما زلت أبحث عن شيء يرضيني في إطار العدالة التي نقرأها كثيراً في خططنا يبدو أنها.. أي (سيادة العدالة) لم يعجبها العيش بيننا لأننا نعدها كثيراً ولا نفي بوعودنا معها.. نكتبها في دفاترنا ونذهب إلى أعمالنا دون أن نحملها معنا.. نتركها في الدفاتر.. تخنقها سطور اللامبالاة والرغبة الجارفة في نيل أكبر نصيب لهذه النفس دون وجه حق، ها قد بتنا (متبلدين) ونحن نتعامل مع تلك الأحداث المأساوية التي تشتعل في العالم وخاصة تلك التي يكتوي بنيرانها المسلمون في كثير من الأوطان.. لا بأس دعني فقط أدعوك أيها الموظف المأسور بهذه الوظيفة تبحث عن نصيب من تلك الكعكة التي باتت وما برحت على طاولة النخبة في أغلب الأجهزة الحكومية.. يقسمونها على طريقتهم.. يصيبون بها كل من أبدى (خضوعاً) و(نفاقاً) وأيضاً (ادعاءً) يوهم به المدير بأنه ذلك الموظف الخطير الذي لا يمكن أن يسير العمل بدونه ولا بد ـ إذاً ـ من حضوره في كل الأعمال.. يفتي في كل شيء ويقيم الآخرين بانطباعات لا ترتكز على معايير.. فلماذا لا تراه في الصدارة قريباً من سعادة المدير حتى وإن سار على هواه وأخذ له ووزع على أصدقائه وجلسائه والمنافقين الذي لا ينكر نفاقهم ومع ذلك يعجبه خضوعهم بل وانتفاشهم، ولن أقول لصاحبي كما قال المتنبي: أعيذها نظرات منك صادقة أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم لن أردد عليه هذا البيت الشهير لأن صاحبي يعلم الشحم من الورم، ولكنه يؤمن بأن الورم كبير ولن يضير أن ينتفخ هذا الخاضع ويأخذ نصيبه قبل أن يغادر، الكل ـ إذاً ـ يبحث عن مزيد من الانتفاخ وإن كان ورماً خبيثاً مميتاً ثم في العاقبة مرده إلى النار، في مؤسسات الشكلية لا أحد يلتفت إلى ذلك الموظف الذي يحقق إنتاجية عالية بجودة عالية ويرفع من قيمة مؤسسته.. إنهم يرون ذلك من مسؤولياته، فيما نراهم يلاحقونه على تقصير شكلي بسيط.. يتعاطونه وكأنه مصيبة حلت ونالت من ذلك البناء الجميل شكلاً البائس مضموناً.. اليوم أصبح كل من يخطئ في البروتوكول يقع في المحظور.. إنه زمن القشور.. ثقافة شكلية (تنكرية).. نرتديها طوال العام، ويتركها البعض ورعاً في رمضان.. بينما في الغرب لا يعرفون التنكر إلا في (الهالوين).. إنه أحد أعيادهم الأثيرة والمثيرة.. يحتفل به الناس من مختلف الثقافات والأديان، والأجناس، ويقومون فيه بتزيين البيوت والشوارع بـ (اليقطين) ويمارسون فيه الألعاب المرعبة والساخرة. نعم.. إنهم يقيمون للشكل احتفالاً يرضونه حتى الثمالة ليتفرغوا ويتجردوا للحقيقة التي تبنى عليها الحضارة.