النشاط البدني والذهني وإشغال أوقات شبابنا وتمكينهم من ممارسة هواياتهم في أجواء صحية منظمة وبما يعود عليهم بالنفع أصبح مطلباً ضرورياً، فقد تابعت الطلاب من الشباب في المراحل الثانوية والمتوسطة والجامعية أين يقضوا أوقات فراغهم، فوجدت رسائل إيجابية منهم بالاتجاه إلى استئجار استراحات أو ملاعب بها كرة قدم ومسابح أو في المراكز الرياضية الخاصة التي انتشرت في أنحاء متفرقة في الأحياء ومتوقع أن تنافس البقالات و(السوبر ماركتس) قريبا، والشيء الملفت أن أسعار ورسوم المشاركة بها مرتفعة جدا، فالاشتراك لمدة ثلاثة أشهر يصل إلى (١٧٠٠) ريال وهذا رقم مرتفع جدا في حين من المفترض أن تكون الرسوم مناسبة لضمان الاستمرارية للشباب في الانتساب لتلك المراكز وكدعم من القطاع الخاص لأبنائنا، ولقد أتيحت لي الفرصة لزيارة ألمانيا واطلعت على ما يقدمً للشباب والمجتمع بشكل عام من أجل الصحة وشغل الفراغ، فوجدت في كل حي مركزاً رياضياً به جميع الألعاب الرياضية المختلفة وعليها مشرفون يوجهون وليسوا مدربين بل ينظمون ويشجعون على الممارسة ويبرمجون مسابقات ومنافسات بين المنتسبين كل في رياضته التي يفضلها والكل فائز، فمن شارك يأخذ ميدالية مشاركة، وهناك صالة رياضية مزمنة كل نصف ساعة للياقة البدنية والتمارين الرياضية يقوم بالإشراف عليها ممرن ويوجه المشاركين بأداء تمارين بمصاحبة أهازيج حماسية وهم يتبعونه ويشارك بها الصغير والكبير، ولفت نظري إنها مفتوحة من العاشرة صباحا حتى العاشرة مساء، وجاء في خاطري بأننا للأسف رغم ما نملكه في مملكتنا الغالية من إمكانات إلا أننا لم نجد من يعلق الجرس ولم نر جهة تقوم بدورها الحيوي اتجاه شبابنا الذي لم يجد مكاناً مناسباً سوى الدفع المالي الكبير للمراكز ولمن لم يستطع فالفرجة ممنوعة بها وعليه الاتجاه للمقاهي فقد تكون الأوفر له، وعليه التفكير السلبي في مستقبله. أرى أن الرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة التعليم قد قصرتا في حق شبابنا فضاع بينهما، ولم نعد نعرف من المعني بهم فالكل يتهرب أو يقدم ما لايمكن ذكره، فالرئاسة وضعت إدارة ضعيفة تحت مسمى الترويح والرياضة للجميع، وأنشأت اتحاد الرياضة للجميع والتربية البدنية ليعرف كيف يحقق أهدافه، ووزارة التعليم أعلنت عن افتتاح أندية الحي ووضعت بالرياض فقط ناديين، وقس على ذلك باقي المناطق كيف يكون نصيبها وبخلت عليها رغم أن أندية الحي قد تحقق أهدافا رائعة كون الطالب سيعود لمدرسته بعد الظهر، واليوم شبابنا فلذات أكبادنا أعز ما نملك أهملناهم ولم نجعل لهم متنفسا لإشغال فراغهم وقضاء وقتهم ونشاهد ما يدور حولهم وما يواجهونه من اختطاف لعقولهم للفراغ الذي قال عنه رسولنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم: أكثر ما أخاف على أمتي الفراغ، ففي ظل وجود (٣٥) ألف مدرسة لم نستطع انتقاء وافتتاح مدرسة واحدة مناسبة في كل حي وتكليف متطوعين لإدارتها، والرئاسة لديها مدن وملاعب ومسابح رياضية وبيوت شباب في كل مدينة لم تستطع فتحها للشباب ولا تعرف الطريقة المثالية لذلك بل دخول الأندية للشباب برسوم، فلماذا وإلى متى نفرط في شبابنا وأوقاتهم وصحتهم ونتركهم لأصدقاء السوء؟ تكاتف الرئاسة والوزارة ووضع آليات مدروسة وبرامج محددة وواضحة ذات رؤية ورسالة وتخصيص كفاءات متطوعة للمساهمة في إدارة المنشآت وفتح المدارس ذات الإمكانات لتمكين الشباب وأفراد المجتمع، أصبح اليوم مطلباً من أي وقت مضى، لما سيعود على شبابنا بالنفع والمصلحة العامة.. والله المستعان.
