|


د. حافظ المدلج
إدارة الأزمات
2016-01-02
في الجامعة أدرّس منهج "إدارة الأزمات" لطلاب المستوى الثامن في قسم إدارة الأعمال، وأحرص دائماً على ضرب أمثلة من الواقع لكي ترسخ المعلومة في أذهان طلاب على وشك التخرّج، وقد عايشت في دبي هذه الأيام تجربة فريدة وناجحة في فنّ "إدارة الأزمات".
كنت في الطابق الحادي عشر أطل على وسط المدينة المزدحم بأكثر من مليون سائح كانوا بانتظار لحظة العد التنازلي لانتهاء عام2015 واستقبال2016، وقبل ساعتين اندلع حريق في طابق يعلونا قليلاً وبدأت تتطاير منه المراتب الملتهبة فتشعل أدواراً أخرى، استحضرت حينها كل ما قرأته وشرحته في المنهج، وتحديداً كيف تتحول "الأزمة" إلى "كارثة".
خلال دقائق تم إخلاء الفندق المكوّن من 67 طابقاً مليئة بالنزلاء، وحين وصلت للشارع دخلت في مئات الآلاف من البشر المتحركين في اتجاه واحد بيسر وسهولة ونظام، وبعد دقائق أخرى وجدت نفسي بعيداً عن موطن الخطر مبهوراً من عملية الإخلاء والإجلاء الناجحة، وشعرت بالفخر حين علمت أنه لم تحدث حالة وفاة واحدة في هذا الموج المتلاطم من البشر الفارين من النار إلى الحياة، وأدركت حينها أنني أمام مثال رائد في "إدارة الأزمات".
ولم ينته الأمر عند هذا الحدّ، بل كانت سيارات الإسعاف والعيادات المتنقلة متواجدة في أماكن قريبة، وقد تم فرش الأرض بعدد من نقالات المصابين وبجوارها أجهزة الاكسجين والمغذيات تحسباً لأي إصابة تستوجب العناية الأولية المباشرة، وبعد ساعات تلقيت اتصالاً من دائرة دبي للسياحة تخبرني أن هناك غرفة بديلة قد أعدّت لكل نزيل في فندق لا يقل عن درجة الفندق الذي التهمته النيران، فأيقنت بأن الدرس قد اكتمل وأن التجربة قد نجحت بمعلومات ثريّة سأنقلها لطلابي في الفصل القادم لأقول بكل "فخر" كنت في "دبي" أتعلم "إدارة الأزمات".

تغريدة tweet:
ودّعت2015 واللهب يتصاعد من فندق "العنوان" واستقبلت2016 والدخان يعلن أن النار تلفظ أنفاسها الأخيرة، وبطبيعتي المتفائلة أعتبرها نهاية لسنة تصاعد وتيرة الإرهاب وتناقص أسعار النفط وتدهور الفرق التي أشجع، وبداية مبشرة لعام بدأ بالنجاح في "إدارة الأزمات" والكم الهائل من مشاعر المحبة التي لمستها في كل تواصل لازال يسأل عن أحوالي لدرجة نسيت معها الألم والهمّ، فأيقنت بأن محبة الناس علاج لكل الأزمات، وعلى منصات "إدارة الأزمات" نلتقي،،