توقف بنا مسارنا في الأسبوع الماضي على عتبات منصة العرض الرياضية الأولى..
تحدثت خلال ذلك المقال عن الأبعاد الثقافية والاجتماعية والتنموية للرياضة..
وما تحمله فلسفة ومبادئ الأولمبياد من توجهات سامية لصناعة الإنسان المحب لهذه الأرض والساعي لنشر السلام بين سكانها..
وأمضي معكم اليوم مستكملين ذات المسار ومن زاوية رياضية خالصة هذه المرة..
حيث تزهو منصات العرض فخراً لكل من أتقن عمله الرياضي طيلة الأربع سنوات التي تسبق الأولمبياد ليقول للعالم وبكل فخر "نحن هنا"..
فيكون سبباً لرفع علم بلاده ورسم الفرح على محيا كل مواطن يطمح بأن يرى بلاده في مصاف المتميزين..
وهو أبسط حق لكل وطني حجز لبلاده مكاناً في قلبه..
وتبقى تلك الصورة مجرد حلم وأمل وطموح..
لا يمكن له أن يتحقق دون عمل وبذل وإخلاص..
إذ أنه من غير المنطق أن يجد المرء تكريماً دون بذل..
أو تتويجاً دون انتصار ونجاح..
وهو ما يعرفه ويدركه كل من خاض تجربة العمل الرياضي الميداني وقضى وقتاً في ساحات منافساته..
يأتي الأولمبياد تلو الآخر..
ويأتي معه التطور في المستويات الفنية وتحطيم الأرقام وكسر حاجز اللا ممكن..
يأتي الأولمبياد تلو الآخر..
فتجد الناجحين من الدول المشاركة وقد صححوا أخطاء الماضي و عالجوا مشاكلهم وذللوا الصعوبات..
شيئاً فشيئاً حتى يصلوا إلى ما يعتقدون أنه حق لأوطانهم عليهم..
وفي المقابل فإنك تجد العاجزين والمتأخرين وقد مر أمامهم الأولمبياد تلو الآخر دون أن يغير ذلك في تطورهم..
وقد ارتضوا أن يكونوا هامشاً في تلك الصورة العالمية التي يشاهدها الجميع..
وفي اعتقادي أن ذلك العجز والتأخر له أكثر من شكل وصيغة..
فهناك من عجز وتأخر عن تحقيق أمنيات شعبه والسبب أن يقف في آخر مسار التطور وقد عجزت أدواته وإمكانياته عن الوصول للناجحين في نهاية المسار..
وهذا الشكل من العجز يتوجب عليه أن يراعي احتياج مرحلته من الأدوات المناسبة للنجاح وأن يبحث عن أدواته وفق إمكانياته المتواضعة..
وسيصل إلى النجاح يوماً ما وهو ما حققته دول كثيرة تفتقد للإمكانيات المادية والبنية التحتية من المنشآت والمنظمات الرياضية المتطورة..
وتظل هذه الصورة من التأخر منطقية في شكلها باعتبار عجز تلك الدول من الناحية المالية..
إلا أن الشكل المحير من العجز هو عدم وصول دول إلى منصات الفخر والتتويج والنجاح ليس بسبب وقوفها في آخر المسار متأخرة عن غيرها..
بل لأنه أساساً تسير في "مسار آخر مختلف" لن تجد في نهايته أي انتصار أو تطور..
فهي ببساطة شديدة تسير في الاتجاه الخاطئ غير المؤدي للهدف !! ومثل تلك النماذج لن تكتفي بخسارة عدم الحصول على التشريف والتتويج فحسب..
إذ أن خسارتها مركبة..
فعلاوة على ضعف المدرجات فهي تفقد الكثير من الموارد المالية والإمكانيات التي تضخها كمداخلات..
لكنها مداخلات لن تؤتي أكلها طالما أنها تدار بالطريقة الخاطئة..
لو كان لي من الأمر شيئاً لصنعت لدورات الألعاب الأولمبية بوابة ضخمة وعلقت على علوها لافتة ضخمة سأكتب عليها "للجادين فقط"..
الحديث عن الألعاب الأولمبية ذو شجون..
وسيكون لي عودة للجري معكم في ذات المسار..
دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن..