|


وحيد بغدادي
(تألمت).. فـ(تعلمت).. فــ(تغيرت)
2016-08-17

مع كل خلاف.. في الفراق.. والشعور بالحزن.. مع الأوجاع والآلام.. نتساءل دوماً (علاقاتنا الإنسانية إلى أين؟).. العلاقات الإنسانية هي جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية بل تكاد تكون هي حياتنا.. الشعور بالرضا أو السخط بين الأب وأبنائه.. بين الزوجين.. بين الأقارب.. أو حتى بين الأحباب والأصدقاء.. قد لا يخلو بيت اليوم من وجود خلاف ولكن! ما هي أسباب الخلافات وكيف نعالجها وما هي طرق العلاج؟

يكمن الجواب في شعرة معاوية: (اجعل بينك وبين الناس شعرة لا تنقطع إذا م ّ دوها ارخها وإذا أرخوها مددتها).. كم من جدار بيت تهدم في لحظة غضب.. وكم من صداقة انتهت.. وكم من أحبة افترقوا بسبب سوء فهم عابر أو لحظة انفعال.

نعاني كثيراً من ضغوطات الحياة وانفعالاتها التي قد تعرضنا لخسائر جسيمة تجعلنا نعاني أكثر وأكثر من تأنيب الضمير بسبب ردود أفعالنا المتسرعة.. في لحظات الغضب قد ننسى كل معاني المحبة والمودة ونفتح للشيطان ألف باب وباب للدخول في نقاشاتنا فيحدث ما لا تحمد عقباه من تصرفات حمقاء.. عن أبي هريرة رضي الله عنه أ ّ ن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصنى، قال: لا تغضب، فردّدَ مرارًا، قال: لا تغضب.

قال الرجل ففكرت حين قال النبي صلى الله عليه وسلم ما قال فإذا الغضب يجمع الشر كله (أخرجه ال ُ بخاري).. الكثيرون يحاولون الانتصار لذاتهم ولكبريائهم فيكابرون بسبب الغضب متناسين أن القوة تكمن في الصبر والحلم وليست في تمكين الغضب من النفس.. (عن أبي هريرة رضي الله عنه، أ ّ ن رسول ا ّ لله صلى الله عليه وسلم قال: ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب).

كل إنسان معرض للغضب ولكن المؤمن يستعيذ بالله.. المؤمن إذا غضب يسكت.. وهناك توجيه نبوي كريم فعن أبي ذر قال: إ ّ ن رسول اللهَّ صلى الله عليه وسلم قال لنا: (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع).. وقد تم اكتشاف دلائل إعجاز نبوية في هذا الحديث حيث إن هرمون الغدة الكظرية الذي يسبب زيادة ضربات القلب وتسارع التنفس بالرئتين وضيق الأوعية الدموية وارتفاع الضغط والسكر في الدم وهرمون التجلط.. هذا الهرمون الذي تفرزه الغدة يزداد من ضعفين إلى ثلاث وأنت واقف وينخفض إلى الثلث وأنت جالس وهكذا في حال الاستلقاء.

قد يتساءل البعض ما علاقة هذا المقال بالصفحات الرياضية.. ونحن في بداية الموسم الرياضي بدأنا نلحظ كثرة الخلافات والتطاول بين بعض الجماهير وبعض الإعلاميين والتي قد تصل أحياناً إلى ما لا تحمد عقباه.. وفي بعض الأحيان تخرج بعض النقاشات إلى خارج حدود وإطار الأدب والسبب التعصب المقيت والاستسلام لتأثير الغضب.. وكم من علاقات إنسانية رائعة انتهت بسبب هذه اللحظات الغاضبة التي قد تسبب الكثير من الألم.. وكم نحتاج اليوم إلى التروي ومراجعة النفس والكثير من جلد الذات.. ولا يمنع من التراجع والاعتذار لكل من خسرناهم ويجب أن نمتلك شجاعة القابلية للتغيير والتراجع عن أخطائنا لأن الإنسان يموت ولا يزال يتعلم ووجب عليه تطوير ذاته وتصحيح سلوكياته.. وليكن شعارنا (تألمت).. ف(تعلمت).. ف(تغيرت)، أن تتغير للأفضل لأجل من نحب.. أفضل كثيراً من عدم التغيير وخسارة من تحب.. بالنهاية الرياضة تقرب ولا تفرق.. كلمة راقية ورائعة يجب أن تخرج من قلب صادق ومن الأعماق لجميع من أخطأنا بحقهم (آاااااسف حقك علي.. وأنا تغيرت).