|


وحيد بغدادي
عدت إليكم .. والعود (أحمد)
2016-09-14
بعد توقف عن الكتابة في إجازة قصيرة عدت إليكم بقلمي وكلي اشتياق فسلامي لكم من الأعماق وكل عام وأنتم بخير وكما قال الشاعر: "عدت والعود (أحمد).. والمرايــــا توقـــد .. عدت للأرض مشرقاً .. وهكذا يحلو الموعد" وفي قصيدة لشاعر آخر: "بدأتم فأحسنتم فأثنيت جاهداً .. فإن عدتم أثنيت والعود (أحمد)".. وهنا نتذكر وبالعودة لآخر يوم كتبت فيه فقد فجعنا بالوسط الرياضي برحيل "الإنسان" أحمد مسعود، نعم لقد جسد كل معاني الإنسانية في أفعاله ولا يعي ما أقول إلا من عاصره عن قرب.. عندما سمعت بالخبر فكرت كثيراً بالكتابة ولو مقالاً استثنائياً أنعيه ولكنني عجزت عن الكتابة فاستجمعت أفكاري خلال أسبوعين لأذكركم برحيله لعلنا نجدد الاسترحام عليه وندعوا له بالمغفرة.
لم أعهده ـ رحمه الله ـ إلا متبسماً حتى في حال العتب كان يعتب وعلى محياه ابتسامة رائعة وخجولة .. لم يكن يقدم على عمل إلا وهو يقول "من واجبنا أن نفعل كذا".. "وحرام ما نسوي كذا" كان يراقب الله بجميع قراراته .. وإذا حان موعد الصلاة توقف كل شيء لتقام الصلاة .. وبالحديث عن ساعات العمل والتواجد بمقر النادي فقد كان يتواجد مع اللاعبين أحياناً في التمرين الصباحي وحتى بعد منتصف الليل، وإذا حضر بعد الظهر فإنه لا يغادر إلا قرب الفجر .. وكان مقر النادي أشبه بخلية نحل الجميع يعمل ويسأل ويتفاعل .. وعندما سألوه عن تصفية الحسابات أجابهم "حضرت لتنقية الحسابات" ودائماً ما كان يردد "لا نريد الحديث في الماضي فنحن في الاتحاد هدفنا (الاتحاد)".. وصفو إدارته بــ"الترامس" فقام بتجميدهم ووضعهم في "ترمس" وتركهم خلف ظهره ومضى يسابق الزمن قبل موعد الرحيل لإنجاز ما جاء لأجله..
مازحني في إحدى المرات فقال: "يادكتور مقالاتك صعبة لا يفهمها أي أحد حاول تكون أبسط من كذا" لم أكن أتصور أن لديه وقتاً ليقرأ المقالات الصحفية اليومية وسط زحمة انشغالاته فقد كان حريصاً على متابعة جميع ما يدور في الوسط الرياضي .. سألوه عن طموح جمهور الاتحاد وأين يجب أن يكون فقال: "أريدهم أن يبلغوا عنان السماء" فسبقت روحه طموحهم وصعدت إلى عنان السماء لباريها ونسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه الفردوس الأعلى من الجنة .. أكاد أجزم أن ما قام به أبو عمر خلال 71 يوماً من تنظيم تجاوز سنوات وسنوات من العمل وأنا على يقين أن إدارته التي اختارها لتحقيق طموحاته لن تخذل طموح جمهور العميد لبلوغ عنان السماء.
يجب ألا يقلق الاتحاديون على ناديهم فهو لا يزال بأيدٍ أمينة .. كيف لا؟ وقد استلم دفة قيادة كتيبة أبو عمر نائبه المحنك والرئيس المكلف المهندس حاتم باعشن والذي صرح عند بداية توليهم الإدارة أنهم سيعملون جاهدين لعودة الاتحاد لمنصات التتويج، وأنهم لن يرضوا غيرها بديلاً .. أتمنى ألا تعود الخلافات من جديد للبيت الاتحادي وأن تكون قد دفنت إلى جوار مثوى الفقيد وأن يتكاتف الجميع ليعود نمر آسيا وعميدها مزمجراً يأكل القاصي والداني .. رحم الله أحمد مسعود الذي رحل وهو يتجهز لصلاة الفجر وقد توضأ واستعد لملاقاة ربه فسبقه قدره.. وقد دلت النصوص على أن الناس يبعثون على ما ماتوا عليه من عمل وهيئة قال ـ صلى الله عليه وسلم: "يبعث كل عبد على ما مات عليه" رواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه .. ونسأل الله أن يبعث مصلياً .. لن أنساك يا أبا عمر ما حييت فقد تعلمت منك الكثير والكثير وستظل ذكراك عالقة في الأذهان .. وأتمنى أن يتم إطلاق مسمى جناح إدارة النادي بجناح أحمد مسعود تخليداً لذكراه.