|


وحيد بغدادي
عاطفتنا وخفة الدم .. والـ(درعمة)
2016-10-18
منذ انهيار سوق الأسهم السعودي عام 2006 تفجرت ينابيع الفكاهة للخروج من تلك المعاناة عبر سخرية باسمة لمداوة أحزان الخسائر، وتوجه العامة إلى استخدام النكت والطرائف ولم يعد يمر حدث أو تصريح دون أن يتحول إلى مجال للسخرية والتندر مهما كانت مرارته .. كما برزت مواهب الكوميديا عبر وسائل الإعلام الجديد ومواقع التواصل الاجتماعي وقنوات (اليوتيوب) وانتشرت المقاطع الفكاهية عبر تطبيق (واتس آب) وأصبح البعض ينافس المحترفين عبر القنوات والمحطات التلفزيونية.. وحتى أن البعض باتوا لا يخشون الانتقادات الصحفية بقدر خشيتهم من انتقادات المغردين ومستخدمي التواصل الاجتماعي عند إطلاقهم لأي تصريح.. فهل نحن شعب خفيف دم؟ بطبيعة الحال الإجابة: لا .. بل إن (البعض) سريع الغضب والانفعال.. سهل الاستفزاز وحاد الطباع، بل وقد يكون متعصباً لرأيه منتقداً لغيره.
كشفت دارسة علمية حديثة أجراها باحثون من ولاية ميتشيجان الأمريكية أن السعوديين أكثر شعوب الأرض عاطفة ومحبة للآخرين، وبرز في البحث الذي أُجري على حوالي 105آلاف شخص من 63 بلداً .. وذلك لقياس العاطفة وحب الخير والمساعدة للآخرين، حيث حل السعوديون بالمرتبة الثانية عالمياً بعد الإكوادور متقدمين على 61 بلداً في أوروبا وأمريكا والشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا .. واحتلت بيرو (ثالثاً) ثم الدنمارك والإمارات وكوريا وأمريكا المرتبة السابعة تليها تايوان وكوستاريكا والكويت في المرتبة العاشرة عالمياً.. في حين احتلت دول شرق أوروبا مراتب متأخرة في تصنيف التعاطف مع قضايا الآخرين ومساعدتهم.
في الأيام القليلة الماضية انفجرت وسائل التواصل الاجتماعي وقنوات الاتصال بالمئات من النكت التي تقمص فيها البعض دور الفكاهة وروح المرح من خلال التعليقات على الأبراج والأشهر الشمسية وأهم الاختلافات مع الأشهر القمرية وعلاقتها بالرواتب .. وأصبحنا نستطيع أن نتعرف على طباع المجتمع السعودي دون الحاجة للاحتكاك به في الشارع أو حتى مناقشته في تويتر كما هو واضح عبر رسائل التواصل في الواتساب .. إضافة إلى التسرع في الانتقاد اللاذع وهو ما جعل البعض سريع (الدرعمة).. هذه الثقافة ليست واقعاً جديداً بل إنها الحال الذي نسلكه في جميع مجالاتنا وحتى في الوسط الرياضي .. من خلال تعليقات سابقة على إخفاقات المنتخب الوطني السعودي أو من خلال التعاطي مع تراجع مستويات أنديتنا آسيوياً .. كذلك في توصيف حال الديون وكثرة المطالبات المالية الكبيرة في معظم الأندية.. الأمر الذي حول نقاشاتنا إلى لوحة كوميدية وذلك كنوع من الهرب من بعض الواقع الذي نسلح به آمالنا نحو أمنيات بمستقبل أفضل.. وأخشى ما أخشاه أن ينتج عن ذلك جيل لا مبالٍ بعيد كل البعد عن مظاهر الجدية والإحساس بالمسؤولية وأن تتحول جميع أمور حياتنا لمجرد نكتة.