|


فهد عافت
ورطة!
2016-10-31
صحافة الورق اليومية في ورطة، سبقتها الصورة، وهرب الخبر من بين يديها، شبكات التواصل انتصرت، بقي للصحافة الرأي والتحليل، كل مانشيتاتها الخبرية طبخ باءت، والمعنى الوحيد المتبقي لوجود هذه العناوين العريضة للخبر، ينشطر شطرين: تمسّكها بأصلها، فـ "من فات قديمه تاه"، وإشهار لسياستها وموقفها من الأمور، ولا شيء آخر!، بقي لها الكثير: الرأي والتحليل والتقييم وسبّابة الاتهام، بقي لها: المراقبة والتلميح أو التصريح، تصريح المسؤول أو التصريح بضرورة محاسبته!، كل من يسحب الصحافة ويجلسها مجلس الشريك، يلعب عليها، فإن هي قَبِلَتْ الدور لعبت على نفسها!، الصحافة إن أرادت أن تبقى حرّة، أو أن تظل جادة في سعيها لأن تكون حرّة، والحرية عموماً هي السعي الدائم لأن تكون أو أن تظل حرّاً!، فإن عليها ألا تتورط بالشراكة مع جهة، هي مسؤولة عن متابعة أخبارها!،
لا شراكة دون أجر، ولا أجر دون تنازلات، مُدْاهِنة أو مهادِنَة!،
صحيح أنه ليس هناك إعلام حر بالمطلق، في كل الدنيا، ولن يكون، ما لا يخضع لسلطة سياسية، يخضع لشركات الإعلان!، لا تظن أن الخضوع لشركات الإعلان أقل بؤساً وخطراً: المحطة التي تربح إعلانياً من شركة مشروبات غازيّة، لن تعرض برنامجاً طبيّاً يكشف مخاطر المشروبات الغازيّة أبداً!،
الكتب يمكنها أن تكون حرّة، أما الصحافة، أما الإعلام، فإنه يتبجح بكلمات رنّانة لا أكثر في هذا المجال!،
كل إعلام في الدنيا، ليعيش، لابد من قبوله بمِيتَات صغيرة!،..
في كل مؤسسة إعلاميّة، هناك دائماً فرصة لمصالحة ما، على حساب مبادئ ما، بحجّة أخلاقيات ما!،..
أظنني تورطت في هذه المقالة، لأبحث عن خاتمة أكثر هدوءاً:
بقي للصحافة رشاقة اللفظ، بقي لها سحر الكلمة مكتوبة على الورق، بقي لها الممازحة، وقليلاً من التسلية، بقي لها الكثير لكنها في ورطة، لأن هذا الكثير لا يُنجَز بمهارة إلا نادراً، نادراً جداً!.