ماذا لو أن كاتباً كتب: "إنتاجيّة الموظف السعودي ساعة"؟، ماذا لو أن قائلاً من عامّة الناس قالها؟، هل يكون مخطئاً أو مُلاماً إلى هذا الحد الذي لقيه معالي الوزير؟!، رأيي: في غالب الأمر لا، سياق القول سيكون مختلفاً، ولن يكون للأمر المنبع نفسه، ولا المجرى، ولا المصبّ، المكان والمكانة سوف يفلحان ربما في ظَفَر القول بشعبيّةٍ مؤيّدة!، لأن القول سوف ينهض من كرسي الاتهام إلى أداء المؤسسات الحكومية، اتهام بالتقصير، ومطالبة بضرورة تحسين الأداء، الغاية من القول ستختلف اختلافاً كليّاً، غير أن ذات القول على لسان وزير مسؤول، لا يمكن اعتباره إلا خطأً، يستوجب الملامة، ويستأهل التندّر عليه، فالوزير جهة حكومية عالية المسؤولية، إن كان ما يقوله موثّقاً بإحصاءات وأدلّة، فإنها أدلّة إدانة عليه لا له، وإن كان ما يقوله غير موثّقٍ ولا مُثبَت، فإنه لا يحق له طرحه كتصفية حسابيّة مُسَلّم بها!، حين يقول أحدنا: " إنتاجيّة الموظف السعودي ساعة"، فإنه حتماً، لا يقصد اتهام السعودي، لكنه يتهم الأداء الوظيفي!، لكن حين يقولها وزير مسؤول فإنه يفعل العكس، يتهم السعودي لصالح هذا الأداء الذي يمثّله بصفته وزيراً!، ما ينطبق على جملة "إنتاجيّة الساعة"، ينطبق تماماً على جملة " ثلاجة السيسي"، القدير الذي أكن له مودّة شخصيّة، الأستاذ إياد مدني، ليس صحفياً، ولا كاتباً، ولا من عامّة الناس، ليحق له التعبير عن رأيه، خارج المنظومة الرسمية، التي يمثلها ويتعامل معها ومن خلالها، غرّدتُ: أخطأ، انهالت ردود بعاطفة مجّانيّة، وبعتاب أحبّة: "ألا تتابع ما يفعله الإعلام المصري بنا ومعنا؟!"، أتابع، ورأيي أن الإعلام المصري اليوم، وللأسف، في معظمه جاهل، شديد الغوغائية، إلا من رحم ربي، بضعة أصوات فقط ما زالت قابضة على جمر المسؤولية والالتزام وشرف المهنة، غير أن هذا الإعلام المُهَلهَل، خائب الرجاء، في غالبيّته، يُمكن مجابهته، وكنس رداءته، بأصوات إعلاميّة سعودية، وبمواقف مثقفين سعوديين، وليس بهفوة لسان مسؤول رسمي، ولا بالدفاع عن هذه الهفوة!، لو أن كاتباً كتب، أو قائلاً قال عن الثلاجة ما قاله الأستاذ إياد مدني، لاعتبرتُ ذلك رأياً، والمسؤول يقدم رؤية لا رأياً، هنا الفرق، وحسناً فعل إذ اعتذر،.. خلّونا من السياسة، من يلعب اليوم؟.