فرق بين الأخلاق والأخلاقيات، يزداد أهميّةً كل يوم لصالح الأخلاقيات، دون أن يمسّ الأخلاق بكدَر.
الأخلاق تخص الفرد، طيبته، خبثه، بخله، كرمه، أريحيّته، بشاشته، رقّته، غلظته، إلى آخر هذه الصفات الشخصية، أما الأخلاقيات فهي مجموعة الصفات التي تتصف بها مهنةٍ ما، ويعمل أصحابها على ضوئها وبناءً عليها، كالطب والصحافة والرياضة، وغيرها من المهن الجماعية.
الأخلاق صفة الناس، بينما الأخلاقيات صفة مِهَنِهم، أو هي صفاتهم داخل هذه المهن، هي منظومة الآداب التي تتطلبها شروط العمل الجماعي.
الأخلاق مرتدّة إليك، الأخلاقيات ممتدّة منك.
مثال بسيط، وليكن رياضيّاً: الكرة التي سجّلها ماجد عبدالله في مرمى المنافس يوماً ما، واحتسبها الحكم هدفاً، ثم جاء ماجد عبدالله إلى الحكم ليخبره بعدم صحة الهدف، لأن الكرة دخلت من الشباك الخارجيّة للمرمى، هذه أخلاق، بينما حركة إخراج الكرة من الملعب لوجود لاعب مصاب من الفريق المنافس، والتي تحدث اليوم في كل مباراة تقريباً، فهذه أخلاقيات.
أن يخرج لاعب الكرة، ثم لا يعيدها المنافس إليه، بل يستغلها لتسجيل هدف في مرمى المنافس، هذه أخلاقيات جيدة، أساء لها خُلُق سيّيء، فإن ترك الفريق المسجِّل الكرة للفريق المنافس إلى أن يُسجّل هدفاً، فهذه أخلاق طيّبة، صحّحت من أخلاق سيّئة، لمصلحة أخلاقيات رياضيّة، مما يعني أن الأخلاقيات هي في حقيقتها مجموعة أخلاق وتصحيح دائم لمسارها، مع وجود قواعد عامة واضحة، متفّق عليها من الجميع، والفرق أن الأخلاق يتفق عليها الموتى قبل الأحياء، وأحياناً دون تقدير كبير لهؤلاء الأحياء، وفي هذه الحالة تُصبح عادات، بينما يُشترط في الأخلاقيات موافقة، بل وصناعة أو إعادة صناعة الأحياء لها دائماً، وهي لذلك تقاليد.
العالم اليوم تطوّر كثيراً وتعقّد أكثر، تظل مسألة الأخلاق أمراً رائعاً، لكنها أقل قدرة على الاستجابة لشروط الحاضر، التي صارت تتطلّب كل يوم الاستعانة والاستفادة من منظومة الأخلاقيات.
قد تكون الأخلاقيات أقل عاطفةً، بل وحتى عفافاً من الأخلاق، غير أن تحوّل الدنيا من الصيد إلى الرعي إلى الزراعة إلى الصناعة، يُوجِب مدح الأخلاقيات والشهادة لها بالفعالية والانضباط.
وعلى كُلٍّ، الأخلاقيات تتضمن الأخلاق وتضيف إليها، تمنحها أشكالاً تطبيقية محدّدة، تجعل منها صيغة حياة جماعية وليست سلوكاً فردياً، بمعنى أو بآخر: الأخلاقيات هي أخلاق الأخلاق.
الأخلاق أساليب، الأخلاقيات نماذج.
“وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت”، تعديل وإضافة وتنويع: وإنما الأمم الأخلاقيات ما وُجِدت.