إذا تجاوزنا أن المفاجآت واردة في المنافسات الرياضية، وأنها تزداد أكثر حين يقضي النظام الإقصاء من جولة واحدة، فإن ذلك يتأكد أكثر حين يساعد الفريق الأكبر خصمه، الذي يقل عنه عدة وعتاداً، على أن يفعل فعلته ويمضي.
الشباب لعب في ظروف غير مستقرة فنياً وإدارياً، جراء غياب بعض عناصره الأهم، ووسط دوار خروج أبرز نجومه من قائمته إلى أندية أخرى، واحتمالية خسارة بعضهم جراء عدم القدرة المالية التي تفي بالحقوق وتسهم في تعويض الفريق بعناصر محلية أو أجنبية، كذلك كان حال الاتحاد، لكن هل كان ذلك السبب كافياً لسقوطهما أمام ناديين من دوري الأولى (وج والطائي)، وخروجهما من منافسات كأس الملك؟.
مرارة الخروج عادة تكون واحدة، لولا أن الخيبة في حال الشباب والاتحاد أكبر، لأن خروجهما كان جراء عجز، أكثر منه اختيارا غير صائب للتشكيل، ساهم في تحقق المفاجأة، فقد لعبا بنقص عناصري إجباري ليس بمقدورهما تعويضه، ووسط تحسب لما هو أسوأ، ما يجعل حالة الاستعداد تصطبغ بالقلق، وعدم التركيز، وانعدام الثقة، وهو ما عكسه أداء اللاعبين، وهذا يختلف عمّا يخطط له عادة المدير الفني، حين يمنح عناصر جديدة فرصة المشاركة، وسط حالة معنوية مرتفعة، وأجواء تحفيزية لإثبات الوجود، حتى وإن سقط.
الجماهير الكروية، استقبلت الحدثين على نحو يتناقض مع ما هو سائد في العالم، وله أيضا سوابق محلية، وهي أن المفاجأة سمة مباريات الكؤوس، خاصة عندما تكون بنظام خروج المغلوب، إن ما يمكن أن تفتعله الجماهير، من أجواء محبطة حول فريقها الخاسر بواقع مفاجأة، هو أسوأ مما حدث له، وقد تكون تداعياته أخطر على مستوى ما قد يقدمه الفريق حتى نهاية الموسم أو يتعداه، ثم هو نوع من النكوص عمّا يفترض أنه أمر مسلم به، وهو أن كرة القدم المجنونة يمكن لها أن تفعل ما لا يعقل أو يصدق، ومن ذلك عشق الناس أول ما عشقوه فيها هذا الغموض، والاستدارة التي تجعل اتجاهها متغيراً غير ثابت!.
صحيح أنه يمكن تفسير بعض ردود الفعل على خروج الشباب والاتحاد، على أنها كانت تبحث عن تصفية حساب مع أشخاص كان كامناً، ينتظر ظهوره لأي سبب، حتى لو كانت الخسارة تلك لنهائي الكأس وليس في دورها الأول، إلا أن ما لا يصح، هو ألا نجد من يضع مثل هذه الأحداث في مكانها الطبيعي، خاصة من القوى الشرفية أو الجماهيرية، أو حتى من الأصوات الإعلامية التي يمكن لها باستعراض بسيط لما يجري في الملاعب الأخرى لما هو شبيه ويزيد، ما يظهر أننا نتقاسم مع غيرنا في العالم دهشة وغرابة وصدمة كرة القدم ولسنا خارجه.
صحيفة (ماركا) الإسبانية، رصدت ما سمّته أبرز مفاجآت كأس ملك إسبانيا فتصدر (برشلونة) المرعب قائمة من اكتووا بنيران مفاجآت الكؤوس، حين خرج من أمام جاره الكاتلوني الصغير (فيجيريس)، أحد أندية الدرجة الثالثة من مباراة واحدة، ومن أمام (الكوركون ـ درجة ثالثة) بمحصلة الذهاب والإياب، بالرغم من وجود رونالدو وكاكا وراؤول وهيجواين، وأمام (نوفيلدا ـ ثالثة) 2ـ3 وجرامينيت (ثالثة) وغيرهم.
وكيف بخطأ إداري خرج (ريال مدريد) من الكأس، بالرغم من فوزه 3ـ1، حيث أشرك لاعباً موقوفاً، أو(تشيلسي) الإنجليزي من (بارد فورد سيتي) 4ـ2، وفي إيطاليا (روما) على يد (سبيزيا)، و(فيورنتينا) من (كاربي)، كلها أندية درجة ثانية وثالثة، أو حتى نتائج تحققت في تاريخ (المونديال) عُدت من المفاجآت، إذاً كرة القدم التي قد تغضبك لبعض الوقت، تزيد من قناعتك حين تهدأ أنها فعلاً (كرة القدم)، التي هذا سحرها، ومصدر بقائها متربعة على عرش الرياضيات التنافسية على مر التاريخ.