صوت:
زياد الدريس: "التكفير له لذّة ومتعة، لا يتخيّلها إلا الذين ذاقوها. لذّة الاستعلاء والبراءة والطّهوريّة، فالتكفيري كلّما كفّر إنساناً، ازدادت قناعته بإيمانه وعلوّه وطمأنينته بالإخلاص والخلاص!".
صدى:
المُتطرِّف يتلذذ بالتكفير، لذّة المتعاطي للمخدّرات، وربما أكثر!.
وهو حتى لو كان أكثر، يظل في نفس مسار لذّة المخدّرات، وأظن أن هذا أحد أسباب تحوّل كثير من أصحاب المخدّرات للعمل الإرهابي، سواء جمعوا بين العملين، أم انتقلوا من متعة إلى متعة بتغيير أدوات الحقن!.
الإحساس بالقدرة على أن يكون صوت أحدهم راجحاً، التمتع بأحقيّة الرجوح، في الحكم على إنسان أو أكثر بالفناء، يمنحه هيلماناً، والخضوع لسطوة مُعتقده يِكسبه وهماً ببراءته من الغطرسة!.
ما الذي تفعله المخدرات؟.
ـ تُكسب صاحبها وهم السلطنة، السلطنة بمعناها الطَّرَبي، وبمعناها السياسي أيضاً!.
التّطرف يُكسب صاحبه خطوة أعلى، يُشعره أنه إله!.
وهو يقفز عبر فعل القتل والتدمير، إلى تجريب متعته الخالصة في أن يُحيي ويُميت!.
نصف الوهم على الأقل يتحقق فعلياً له عبر التدمير، من خلال القتل، هذا النصف يجعل من لذة الوهم بالإحياء حاضرة بقوّة!.
نحن نقول إن حتى الإماتة لا تتحقق فعلياً لأي مخلوق، وأن أمرها بيد الله، لكنه لا ينظر للأمر من زاويتنا، فالموت يتجسّد أمام عينيه، وعيناه تتلقيان الإيحاء من رأسه، ورأسه أدمن الاسترخاء وتلذذ به، ومهما بدا جسده نشيطاً فإن هذا لا علاقة له بطريقة التفكير!.
يتحدث بعض أقارب القتلة، بتعجّب من جسارة الفعل، فالذي كان بينهم لم يكن شجاعاً ولا صاحب رأي حاسم، إنهم يتحدثون عنه قبل تعاطيه المُكفِّرات!.
التحوّل ليس في الشجاعة ولا الرأي ولا القدرة على الدفاع عنه حتى آخر لحظة، التحول في التعاطي، في الجرعة المُكفِّرة!.
والذين يعجبون من سرعة تحوّل إنسان ما إلى النقيض مما هو أو مما يبدو عليه، ويستغربون من كيفية أن تكون ثلاثة أشهر مثلاً كافية جداً، لانقلابات موحشة وتدميرية، يجهلون قدرة المواد المخدِّرة والمُكفِّرة على المسخ!.
جميعهم جبناء، بل هم أجبن مما نتخيّل، الحكاية حكاية جرعة لا جُرأة!.
مسألة كيف تحوّل شاب صغير السن، في أسابيع قليلة، إلى انتحاري في حزام ناسف، لا يمكن فهمها بغير تتبّع صلة القربى بين العملين التخديري والتكفيري، واللذّة الكاذبة التي يمكن لأي من العملين منحها لمتعاطي أي منهما!.
إن من يتجاوز الثلاثين، بريئاً من أي من هذين الوباءين، يصعب اصطياده، والأهم هنا، أن من يقع فريسةً لأي من هذين الوباءين، سيعرف فيما لو طالت فترة التعاطي أنه أصبح مريضاً ومختلّاً، عالةً أو آلَةً!، يتوب أو يذهب لطبيب، فإن أتم طريقه، أتمه دون قناعة من أي نوع بسلامة الطريق والطريقة!.
لذلك يتم اصطياد صغار السن، ولذلك لا تأخذ المسألة أكثر من أسابيع، حيث النشوة في عزّها، قبل أن يكتشف صاحبها حقيقة أن هذا العز: ذُلّ!.