|


د.تركي العواد
وزارة الوعي
2017-02-09

في كل عام نحمل أمتعتنا وأولادنا وأمهاتنا وكل من يعز علينا، ونخايل السحاب ونتبع السيل؛ فتنتهي حياتنا تحت زخات المطر، ولا يبقى إلا مقطع فيديو على اليوتيوب يوثق المياه وهي تبتلعنا.. مشهد متكرر ليس مع السيول وحدها، بل في كل المجالات.. فقلة الوعي تجرفنا لحتفنا دون أن نتعلم أو يتعلم أحد من تلك المأساة. 

 

السعودية تخسر سنويًّا مئات المليارات بسبب قلة الوعي.. فحوادث السيارات لوحدها تكلفنا 87 مليار ريال. كما جاء في دراسة أجرتها جامعة الملك عبدالعزيز؛ فالواحد منا يمشي 160 ويعتقد أنه لن يتعرض لحادث؛ فالحوادث لا تحدث إلا للأغبياء. السعودية ليست الأولى على العالم في الحوادث فقط، بل تتصدر في نسب السمنة والسكري.. كما أنها الدولة الأكثر استهلاكا للأدوية والمسكنات.. أيضًا نحن سوق رائجة للشهادات الوهمية والمزورة وغيرها من الظواهر التي لا تنتهي.

 

اليوم تعيش المملكة حراكًا غير مسبوق للتغيير والتطوير.. 2030 مشروع قومي لنقل السعودية إلى دولة مؤسسات، تحارب الهدر المالي والبشري.. تلك الجهود الرائعة بحاجة إلى جهة متخصصة تتولى رفع وعي المواطن؛ لكي يواكب النهضة القادمة.. قلة الوعي المجتمعي هو التحدي الأول الذي يواجه كل مشاريع التنمية.

 

نحتاج إلى جهة مهمتها رصد المشاكل والظواهر التي يعاني منها المجتمع وتكلف اقتصادنا المليارات.. بعد رصد ودراسة تلك الظواهر ومعرفة جوانبها المختلفة، تقوم تلك الجهة بالحشد من خلال التواصل مع الناس بكل السبل المتاحة (وسائل إعلام واتصال شخصي)؛ من أجل رفع الوعي وتقليل آثار تلك الظواهر على المواطن وعلى الاقتصاد.

 

المواطن السعودي مخلص ومحب لوطنه، ويملك الرغبة الصادقة والذكاء الكافي لمواكبة النقلة التي تمر بها المملكة.. ولكن عدم وجود جهة متخصصة في التوجيه والتوعية جعل الأخطاء تتكرر.. فالإنسان بطبعه يعتقد أن الأشياء السيئة التي تحدث للآخرين لن تحدث له، وعندما تحدث له يتقوقع على نفسه ويسكت.. فالمشعوذ الإفريقي الذي يتصل على الناس عشوائيًّا ليدلهم على العمل المدفون في بطن حوت مسكون، ما كان يجب أن يستمر عشر سنوات ليخدع الجيران والأخوان دون أن يعرف أحد عن الآخر. 

 

رفع الوعي هو خط الدفاع الأول للمجتمع، متى ما نجحنا في تقويته فسنوفر على الدولة مئات المليارات، وسنجنب مجتمعنا عددًا هائلاً من الظواهر التي أهلكت الحرث والنسل.