خسارة الأهلي الكبيرة من القادسية (1ـ4)، في الجولة الماضية من دوري المحترفين السعودي هي عنوان مثير في أعلى صفحة الدوري المنشورة محلياً وخليجياً، وهي بقياسات الدوري النموذجي تأخذ العلامة الكاملة.
مثل هذه التحولات في مسيرة الدوري أمر صحي بغض النظر من المستفيد ومن الخاسر، وعندما يسقط منافس جاد، بل ومدافع عن اللقب في جولة حساسة (18) من أصل (26) أمام فريق يبحث عن الأمان من الهبوط وبنتيجة كبيرة، فهذا يقربك أكثر إلى الصورة التي عليها دوريات عالية الجودة (الإنجليزي ـ الألماني ـ الإسباني) حين تدور ماكينة اللعب الطاحنة التي لا تعترف إلا بحظوظ وجهد اللحظة (معركة اليوم الواحد).
يجب ألا نذهب بعيداً في تفسير لماذا يسقط فريق كبير أمام فرق أقل منه إمكانات، ولا حتى يوازيه كما حدث للأهلي أمام القادسية ومثله الاتحاد أمام الأهلي بالنتيجة ذاتها؛ لأن التفسير هنا سيجعلنا نجهل أو نتجاهل واقع كرة القدم وكنهها وسرها الذي طالما ربطتنا به أسباب عشقنا لها، كما أننا بذلك وكأننا نريد كرة قدم مفصلة على رغباتنا وأمانينا يحقق الفوز من نريد، ويحصل على البطولة من نشجعه.
الدوري مشوار طويل لا يمكن أن يشد أحداً لمتابعته دون جولات بلا عناوين أكيدة، والضامن الوحيد لنجاح الدوري ليس كثرة المتزاحمين على بوابة التتويج فقط، بل أيضاً كفاءة التنظيم والإدارة في الجداول والملاعب والحكام ولجان الانضباط والاستئناف ومراقبة المنشطات، والنقل التلفزيوني هو فعل تكاملي تراكمي لا يقبل التراجع أو التوقف عن التطور وتلافي الأخطاء.
إطار الدوري السليم الذي يضعه اتحاد الكرة أو رابطة المحترفين يتيح لمن يتحرك داخله من الفرق لعب منافسة محفزة ليبذل لها الجهد ويصرف عليها الأموال ويتحمل الضغوط والمتاعب المختلفة، والفرق كعملاء لجهة التنظيم لهم حقوق أصيلة لا يمكن حرمانهم منها بأي حجة، ولا التعاطي معهم على أنهم مستفيدون من خدمة لم يدفعوا ثمناً لها، فلولا هذه الفرق ما قام الاتحاد ولا الرابطة ولا ما حصلوا على ريال واحد من الدولة أو من الرعاة ما يعني أن إخراج دوري كامل المواصفات لابد من تحققه مسؤولية يمكن محاسبة هاتين الجهتين عليها.
الخلط بين تنمية قدرات الشباب في الإدارة والتنظيم أو التحكيم، وبين مخرجات عالية الجودة وكفاءة وعدالة قرارات قد يضر عمل اتحاد الكرة الذي عليه أن يختار بين دوري قوي سليم معافى أو دوري يتوكأ على عكاز التجارب والتعلم وعكاز دعم الحكام المحليين، أشير هنا إلى ما يجري في ملاعبنا الفاشلة في تحقيق درجة مقبولة في إدارة الحشود وضبط تجاوزات المحسوبين على الأندية، وسوء أرضية أكبر وأحدث الملاعب، وأخطاء الحكام التي وصلت إلى منح بطاقتين صفراوين للاعب واحد في مباراة واحدة وقلة أدب في التعامل مع اللاعبين يمكن ضبطها في (انقلع) التي بدأت ولم تتوقف فقد أمن العقوبة وسيتبعه غيره في قلة الأدب!