في مصافحات خاطفة، أو جلسات عابرة، أو رسائل على برامج التواصل، وبحكم صداقتي مع أقرب المعلّقين إلى الشعر، يكاد يكون هذا أحد أكثر الأسئلة التي تصلني: "فارس عوض.. من يشجّع"؟!.
أتجاهل السؤال، فإن لم أقدر على تجاهله، قلت الحقيقة: لا أعرف!، ولم يسبق لي أن سألته!، كما لم يسبق لي أن سمعته يُصرِّح بميوله لنادٍ معيّن!.
ويمكنني الآن كتابة ما هو أهم من جهلي ومن معرفتي:
قد يُعلن صحفي أو إعلامي عن ميوله، وقد يكون في ذلك بعض حَرَج، لكنه حَرَج بلا ضرر، على الأقل بلا ضرر كبير، خاصةً إن هو أبقى على مهنيّته نزيهةً من الشوائب، ولم يحوّل مَكتَبِه إلى مُدرّج، وقلمه إلى لسان مُشجّع، وكلماته إلى قشور "فصفص"!.
ذلك لأن الكتّاب والإعلاميين في ظلال اللعبة، لا يشكل أحد منهم جزءاً أصيلاً منها، والمقصود بالجزء الأصيل هو الجزء الذي في غيابه تفقد اللعبة إمكانيّة إقامتها أصلاً!.
حُكّام المباريات مثلاً، يشكلون جزءاً أصيلاً من اللعبة، و لذلك فإنه من المُعيب على حكم إعلان ميوله لفريق ما، فإن فعل، فقد أجاز لنا اتّهامه في ذمّته لا في مستواه!.
هناك مكانة بين المُحرِج و المُعيب، يحتلّها المُعلِّق الكروي فيما لو كشف ميوله لفريق معيِّن، مكانة أكبر من مجرّد الحَرَج و أقل من أن تكون معيبة و شائنة، أُسميها: مكانة الضّرر!.
المُعلِّق مُعَلَّقٌ في الوسط!.
لا هو في ظلال اللعبة مثل الكاتب، ولا هو جزء أصيل منها مثل الحَكَم!.
لا يمكن له العمل إلا أثناء اللعبة، في توقيتها تماماً، المُعادَلة تنقلب: اللعبة جزءا أصيلا من عمل المُعلِّق، لكنه ليس شرطاً من شروطها، بحيث تنعدم بغيابه، فهو ليس جزءاً أصيلاً منها، و مع ذلك هو ليس في ظلالها، إنه لا يسبقها ولا يمتد خارجها، صوت المُعلِّق ظلال اللعبة، وليس "في ظلالها"!.
لنقرأ الأمر من زاوية جديدة:
من يسأل عن ميول هذا المُعلِّق، أو ذاك، فارس عوض أو بلال علّام أو فهد العتيبي أو غيرهم، فهذه شهادة لهم، يقدّمها السائل رغماً عنه، شهادة كريمة من شاهد هو ليس بالضرورة كريماً!.
فالسؤال نفسه يهدف بنيّةٍ صالحةٍ أو طالحةٍ لتشويه الشهادة التي ينطق بها في مراوغة ليست فنيّة ولا رفيعة الأدب!.
السؤال يعني عدم معرفتنا، وعدم معرفتنا بميول المُعلِّق شهادة له بالإنصاف والموضوعيّة و النزاهة!، حتى و إن لم تكن شهادة له بالموهبة و الإبداع والنبوغ!.
لكن السؤال يريد المعرفة ليحكم بالتحيّز وغَلَبَة الهوى و غياب الموضوعيّة! هناك أسئلة تريد أن تعرف لتخسر لا لتكسب!.
لم يسبق لي أن سألتُ مُعلِّقاً عن ميوله، ولا صاحب مطبوعة عن رقم التوزيع!.
وأعتبر هذه أسئلة غير أخلاقيّة، لكن ولنفترض أنني عرفت، صدفةً أو محبّةً، لنفترض أنني تبجّحت و سألت فأُحرِج الرجل و كشف لي سراً، أو أنه كشفه بحكم المحبة و الصداقة، أنتَ يا سائلي مثل هذا السؤال: أي الأمرين تطلب مني خيانته وخذلانه: الأمانة أم الصداقة؟!.